نام کتاب : شرح حكمة الإشراق سهروردي نویسنده : قطب الدين الشيرازي جلد : 1 صفحه : 434
مائتي فرسخ برائحة جيف حصلت من حرب وقعت
بين اليونانيّين. و دلّهم على إدراكها للجيف من المسافة المذكورة أنّه لم يكن
حوالى موضع المعركة رخمة، و لا فى نحو هذا الحدّ من المسافة. و ذلك لكون هذه
الحاسّة فى هذه الطّير و فى كثير من الحيوانات قويّة، و هى فى الإنسان ضعيفة. و
يشبه رسوم الرّوائح فى نفس الإنسان إدراك ضعيف البصر شبحا من بعيد.
و السّمع، و هى قوّة رتّبت فى العصب
المفروش على سطح باطن الصّماخ هى مشعر الأصوات بتوسّط الهواء بعنف. و الصّوت، و هو
ما يدرك بحاسّة السّمع إنّما يحصل من تموّج الهواء لقلع أو قرع عنيف، فينضغط منه
الهواء بعنف، فينتهى تموّجه إلى الهواء الرّاكد فى الصّماخ، و يموّجه بشكل نفسه،
فيقع على جلدة مفروشة على عصبة مقعّرة كمدّ الجلد على الطّبل، فيحصل طنّين فتدركه
القوّة.
و تموّج الهواء كما يرى من دوائر الماء
لما وقع فيه. و الصّداء إنّما هو لانعطاف الهواء المصادم لجبل أو غيره من عال
أرضىّ، و هو كرمى حصاة فى طاس مملوّ ماء فتحصل دوائر متراجعة من المحيط إلى
المركز.
و قيل: إنّ لكلّ صوت صداء، و فى البيوت
إنّما لم يقع الشّعور به لقرب المسافة، فكأنّهما يقعان فى زمان واحد، فلهذا يسمع
صوت المغنّى فى البيوت أقوى ممّا فى الصّحراء.
و أمّا الكلام فى القلع و القرع و تشكّل
الهواء بمقاطع الحروف، و توقّف سماع الصّوت على وصول الهواء الحامل له إلى الصّماخ
و غير ذلك، فقد سبق فى أو اخر المنطق، فلا حاجة إلى الإعادة.
و البصر ، و هى قوّة مرتّبة فى العصبة
المجوّفة مدركة لما يقابل العين، بتوسّط جرم شفّاف، لا بخروج شعاع يلاقى المبصرات
(220 و لا بانعكاسه، و لا بانطباع الصّور المرئيّة
فى الرّطوبة الجليديّة، و لا فى ملتقى العصبتين المجوّفتين، و لا باستدلال، لبطلان
ذلك كلّه، على ما سبق، بل بمقابلة المستنير للعين السّليمة، و هى ما فيها رطوبة
صافية شفّافة صقيلة مرآتيّة. فحينئذ يقع للنفس علم إشراقىّ
نام کتاب : شرح حكمة الإشراق سهروردي نویسنده : قطب الدين الشيرازي جلد : 1 صفحه : 434