والعبارة
واضحة الدلالة في القول بثبوت الولاية السياسية للفقيه العادل الكفوء في عصر
الغيبة، في أهمّ عناصرها وهي: القضاء، وتنفيذ الأحكام والحدود، والأموال العامّة،
ومن ذلك تثبت للفقيه سائر صلاحيّات الولاية العامّة؛ لعدم الفصل عرفاً وعقلًا- أي:
لوجود التلازم العرفي والعقلي بينها-، ولعدم القول بالفصل الكاشف عن التلازم
الشرعي بين هذه الصلاحيّات وسائر صلاحيّات الولاية العامة.
بل
إنّ ولاية القضاء- وحدها- تلازم الولاية السياسية العامّة؛ لعدم إمكان الفصل
بينهما، ولكونهما متلازمين عقلًا وعادة، لأنّ ولاية القضاء، وتنفيذ الأحكام
الشرعية بين المتخاصمين: هي أعلى مصاديق الولاية العامّة، فمع ثبوتها تثبت سائر
أجزائها بالأولويّة، ولأنّ تنفيذ العدالة وتنفيذ الحكم بين المتخاصمين لا يمكن
عادة- بل عقلًا- من غير قوّة يتمتّع بها الحاكم تمكّنه من ذلك، ولوجه أهمّ من كلّ
ما ذكرناه، وهو: أنّ الولاية أمر بسيط في ذاته، فإذا ثبتت للفقيه في القضاء؛ ثبتت
في غيره لبساطتها، وعدم إمكان التجزئة في أبعاضها- كما سوف نوضّح ذلك في الأبحاث
المقبلة عند الحديث عن أدلّة ولاية الفقيه-.
المرحلة
الثانية: مرحلة المتأخّرين
وسوف
نعنى هنا بالبحث عن ولاية الفقيه فيكلام الفقهاء المتأخرين، ويقصد بهم: مرحلة
العلّامة الحلّي ومن بعده من الفقهاء إلى العصر