فحكم هذا
النوع من المال: أنّه مجهول المالك؛ يرجع أمره إلى الإمام أو نائبه، كاللقطة التي
لا يؤمل العثور على صاحبها. فلا إعراض اختيارياً أو قهرياً عن المال، ولكنّ الصلة
بين المال والمالك منقطعة إثباتاً؛ لعدم إمكان التعرّف على المالك عادة. وهذا هو
الذي يفسّر الفرق في روايات اللقطة بين:
ما
دلّ على وجوب التعريف باللّقطة وضمان الواجد لها؛ مثل ما روي عن عليّ بن جعفر، عن
أخيه موسى بن جعفر (ع)، قال:" وسألته عن الرجل يصيب درهماً أو ثوباً أو
دابّة؛ كيف يصنع بها؟ قال: يُعرّفها سنة، فإن لم تُعرف؛ حفظها في عرض ماله حتى
يجيء طالبها فيعطيها إياه، وإن مات أوصى بها، وهو لها ضامن"[1].
وبين
ما دلّ على جواز تملّك اللّقطة؛ مثل: ما رواه الشيخ بإسناده عن الفضيلبن غزوان،
قال: كنت عند أبي عبدالله (ع) فقال له الطيار:" إنّ ابني حمزة وجد ديناراً في
الطواف قد انسحق كتاتبه، قال: هو له"[2].
فإنّ
مورد الأوّل: اللّقطة التي يمكن عادة رجوعها إلى مالكها، ووصولها بيد المالك فهي
عين غير منقطعة الصلة بمالكها ثبوتاً ولا إثباتاً؛ فلا بد من تعريفها سنة إلى آخر
ما في الرواية. ومورد الثاني: اللقطة التي لا يتوقع رجوعها إلى مالكها لعدم إمكان
ذلك عادة كما في الدينار الّذي عثر عليه في الطواف، وقد انسحقت كتاتبه، وحكمها
جواز التملّك لمن وجدها؛ لأنّ انعدام الصلة بين المال والمالك ثبوتاً وإثباتاً
يؤدّي عملياً إلى اعتبار المال عرفاً مالًا من غير مالك؛ فيجوز لمن وجده أن
يتملّكه، شأنه شأن سائر المباحات.