الصادق عليه السّلام مثله
مستفيضا، و قال لعيسى بن أبي منصور: «يا عيسى، إنّي أحبّ أن يراك اللّه فيما بين
الحجّ إلى الحجّ و أنت تتهيأ للحج».
و
منها: البدأة بزيارة النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمن حجّ على
طريق العراق.
و
منها: أن لا يحجّ و لا يعتمر على الإبل الجلالة، و لكن لا يبعد اختصاص
الكراهة بأداء المناسك عليها و لا يسري إلى ما يسار عليها من البلاد البعيدة في
الطريق.
و
من أهمّ ما ينبغي رعايته في هذا السفر احتسابه من سفر آخرته بالمحافظة على تصحيح
النّية و إخلاص السريرة و أداء حقيقة القربة و التجنّب عن الرياء و التجرّد عن حبّ
المدح و الثناء، و أن لا يجعل سفره على ما عليه كثير من مترفي عصرنا من جعله وسيلة
للرفعة و الافتخار بل وصلة إلى التجارة و الانتشار و مشاهدة البلدان و تصفّح
الأمصار، و أن يراعي أسراره الخفية و دقائقه الجليّة كما يفصح عن ذلك ما أشار إليه
بعض الأعلام:
إنّ
اللّه تعالى سنّ الحجّ و وضعه على عباده إظهارا لجلاله و كبريائه و علوّ شأنه و
عظم سلطانه، و إعلانا لرق النّاس و عبوديّتهم و ذلهم و استكانتهم، و قد عاملهم في
ذلك معاملة السلاطين لرعاياهم و الملّاك لمماليكهم، يستذلونهم بالوقوف على باب بعد
باب و اللبث في حجاب بعد حجاب، و إنّ اللّه تعالى قد شرّف البيت الحرام و أضافه
إلى نفسه و اصطفاه لقدسه و جعله قياما للعباد و مقصدا يؤمّ من جميع البلاد، و جعل
ما حوله حرما و جعل الحرم آمنا و جعل فيه ميدانا و مجالا و جعل له في الحلّ شبيها
و مثالا، فوضعه على مثال حضرة الملوك و السلاطين، ثمّ أذّن في النّاس بالحج ليأتوه
رجالا و ركبانا من كل فجّ و أمرهم بالإحرام و تغيير الهيئة و اللباس شعثا غبرا
متواضعين مستكينين رافعين أصواتهم بالتّلبية و إجابة الدعوة، حتّى إذا أتوه كذلك
حجبهم عن الدخول و أوقفهم في حجبه يدعونه و يتضرّعون إليه، حتّى إذا طال