للقاضي اجراء حدود اللّه على
مرتكبي موجباتها فيما إذا كان ثبوتها بعلمه، و الكلام في الأولين فيما إذا كانت
المخاصمة في الموضوعات، و أمّا فيما إذا كان من الشبهات الحكمية فلا كلام في جواز
الحكم و نفوذه على ما تقدم سابقا.
فنقول:
الحكم بعلمه في حقوق الناس داخل في الحكم بالعدل و القضاء بالقسط فيجوز بل ينفذ
لإطلاق قوله- عليه السلام-: جعلته حاكما أو قاضيا، بعد عدم الدليل على تقييد ذلك
بكون الحكم بغير علم و كذا الحال فيما إذا كان حكمه في حدود اللّه أخذا بقوله
سبحانه الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما
مِائَةَ جَلْدَةٍ[1] و
غيره بعد كون الخطاب للحكّام على ما يأتي.
و
ما يقال في المقام في وجه المنع إمّا راجع إلى عدم جواز الحكم من القاضي بعلمه كما
قيل بأنّ الحكم بعلمه يجعل القاضي موضع التهمة، و إمّا راجع إلى الحكم الوضعي
بدعوى أنّ الطريق المألوف في القضاء في حقوق الناس و غيرها غير علمه، كما يستفاد
ذلك من صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه- عليه السلام- «قال: قال رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّما أقضي بينكم بالبيّنات و الأيمان»[2]،
و ما ورد في الرجل الذي رأى الفجور بزوجته[3].
و
لكن شيئا من ذلك لا يصلح مانعا، فإنّ قضيته جعل الحاكم موضع التهمة، فلا مورد لها
فيما إذا عرف القاضي بالديانة و تعصّبه في دين اللّه، بل مطلقا بعد عرفان عدالته،
و إلّا لكان تعديله الشاهد بعلمه أو تجريحه غير جائز للتهمة الموهومة، مع أنّ
الظاهر عدم الخلاف و المناقشة في مسألة جرحه و تعديله بل