و كذا الحكومة (1) و أن
يستعمل الانقباض المانع عن اللحن بالحجّة (2).
(1)
أي و كذا يكره توليه الحكومة لنفسه بأن يقف مع خصمه عند قاض آخر، بل الأولى أن
يوكّل من يرافع مع خصمه عند قاض آخر، و في نهج البلاغة «إنّ للخصومة قحما»، قال
ابن أبي الحديد في ذيل هذا الكلام: قالها أمير المؤمنين حين وكّل عبد اللّه بن
جعفر في الخصومة عنه، و روى انّه- عليه السلام- وكّل عقيلا في خصومته و قال: انّ
للخصومة قحما[1].
أقول:
لو تمّ ذلك لم يكن هذا من آداب القاضي، بل يكره لكل خصم تولي الخصومة بنفسه و انّ
الأولى التوكيل في المخاصمة إلى القاضي، و قد ورد في بعض الروايات المروية بطرقنا
أنّ أمير المؤمنين[2]- عليه
السلام- بل قبله النبي[3] صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم توليا الخصومة بنفسهما، و يقال إنّ ذلك لا ينافي الكراهة و
إنّما كان ذلك لبيان بعض الأحكام الشرعية التي أخطأ فيها من نصب قاضيا للناس، كما
في قضية درع طلحة أو لغير ذلك من المصالح.
(2)
ذكروا أنّ إظهار القاضي الانقباض في وجه الخصوم المانع عن لحنهم بالحجّة و التفطن
بها و تحريرها على وجه الكمال مكروه.
أقول:
ينبغي أن يراد من الانقباض ما لم يكن بحيث كان فيه مهانة المؤمنين و التجبّر
عليهم، فإنّ هذا أمر في نفسه غير جائز، سواء أ كان من القاضي أم غيره.
و
إذا لم يكن كذلك فيمكن أن يقال أنّه لا يجوز للقاضي فعل ما يوجب دهشة