ساكت، قال في المبسوط: صار
متحمّلا لأنّ سكوته في معرض ذلك رضا بقوله بالصحيحة،
حيث إنّ الراوي عن معاوية بن وهب يونس بن عبد الرحمن، و للشيخ إلى رواياته و كتبه
طريق معتبر، قال: «قلت لأبي عبد اللّه- عليه السلام-: الرجل يكون في داره ثمّ يغيب
عنها ثلاثين سنة و يدع فيها عياله، ثمّ يأتينا هلاكه و نحن لا ندري ما أحدث في
داره، و لا ندري ما أحدث له من الولد، إلّا أنّا لا نعلم أنّه أحدث في داره شيئا و
لا حدث له ولد، و لا تقسم هذه الدار على ورثته الذين ترك في الدار حتّى يشهد شاهدا
عدل انّ هذه الدار دار فلان بن فلان مات و تركها ميراثا بين فلان و فلان، أو نشهد
على هذا؟ قال: نعم، قلت: الرجل يكون له العبد و الأمة فيقول: أبق غلامي و أبقت
أمتي، فيؤخذ بالبلد فيكلّفه القاضي البينة انّ هذا غلام فلان لم يبعه و لم يهبه، أ
فنشهد على هذا إذا كلّفناه و نحن لم نعلم أنّه أحدث شيئا؟ فقال: كلّما غاب عن يد
المرء المسلم غلامه أو أمته أو غاب عنك لم تشهد به»[1].
و
يجمع بين هذه و ما قبلها بتجويز الشهادة بالحالة السابقة و عدم الشهادة بالحالة الفعلية،
بشهادة صحيحته الأخرى قال: «قلت له: انّ ابن أبي ليلى يسألني الشهادة عن هذه الدار
مات فلان و تركها ميراثا، و انّه ليس له وارث غير الذي شهدنا له، فقال: اشهد بما
هو علمك، قلت: انّ ابن أبي ليلى يحلفنا الغموس، فقال: احلف إنّما هو على علمك»[2].
و
على الجملة، انّ الشهادة هي الأخبار بما علمه بحسّه، و لا يكون الاستصحاب علما
حقيقة، فضلا عن كونه علما بحسّ الواقعة، و إذا كانت الواقعة مورد المخاصمة بحيث
يحتاج إلى فصلها بالقضاء فلا ينفذ فيها إلّا الشهادة
[1] الوسائل: 18، الباب 17 من أبواب الشهادات،
الحديث 2: 246.
[2] الوسائل: 18، الباب 17 من أبواب الشهادات،
الحديث 1: 246.