و مستندها: إمّا المشاهدة أو
السماع أو هما، فما يفتقر إلى المشاهدة الأفعال، لأنّ آلة السمع لا تدركها، كالغصب
و السرقة و القتل و الرضاع و الولادة و الزنا و اللواط، فلا يصير شاهدا بشيء من
ذلك إلّا مع المشاهدة، و يقبل فيه شهادة دخل الحسّ
الظاهري و كفاية مجرّد العلم و الاعتقاد، فاللازم الرجوع إلى الأصل العملي، و
مقتضاه عدم نفوذ خبر العدل و عدم كونه مدركا للقضاء ما لم يستند إلى الحس الظاهري.
و
ذكر في الجواهر بعد نقل هذا الكلام: أنّه من الغرائب، حيث إنّ مقتضاه أن لا يصحّ
لنا الشهادة الآن لأمير المؤمنين- عليه السلام-، بأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم نصبه يوم الغدير اماما و وليّا على المسلمين، و لا تصحّ أيضا الشهادة منّا
على الأوّلين بغصبهما الفدك من الزهراء- سلام اللّه عليها-، و لا الشهادة بغير ذلك
ممّا وصل إلينا بطريق النقل، بل ليست شهادتنا بالتوحيد و أنّ محمّدا صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم عبده و رسوله شهادة حقيقة، و على الجملة الكلام المزبور ساقط من
أصله، خصوصا بملاحظة ما ورد في سماع شهادة الأعمى إذا أثبته، و إنّ الأصحاب لم
يعتبروا في الشهادة أزيد من العلم بالمشهود به، فإنّه ليس معنى الشهادة إلّا
الإخبار بشيء عن جزم و يقين به.
و
ما ذكروا من الاكتفاء بالاستفاضة في الأمور السبعة أو الأزيد راجع إلى عدم اعتبار
العلم و اليقين في الشهادة بها، بل يكفي في الشهادة بها مجرّد وجود الاستفاضة
الموجبة للظن أو الاطمئنان، و من اعتبر العلم فيها جعلها كسائر الشهادات، نعم
المعتبر في الشهادة العلم الحاصل للإنسان المستقيم الخالي من الأغراض و التسرّع في
الاعتقاد، و تخلّف هذا العلم عن الواقع بأكثر ممّا يتخلّف العلم بالأبصار غير ظاهر
و الاشتباه في الحس أمر معروف، انتهى.
أقول:
إطلاق لفظ الشهادة على الاخبار بالشيء اعترافا و إبرازا