آخِرُ ذَلِکَ إِلَی الْأَخْذِ بِمَا عَرَفُوا وَ الْإِمْسَاکِ عَمَّا لَمْ یُکَلَّفُوا فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُکَ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِکَ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ کَمَا عَلِمُوا فَلْیَکُنْ طَلَبُکَ ذَلِکَ بِتَفَهُّمٍ وَ تَعَلُّمٍ لاَ بِتَوَرُّطِ الشُّبُهَاتِ وَ عُلَقِ الْخُصُومَاتِ وَ ابْدَأْ قَبْلَ نَظَرِکَ فِی ذَلِکَ بِالاِسْتِعَانَهِ بِإِلَهِکَ وَ الرَّغْبَهِ إِلَیْهِ فِی تَوْفِیقِکَ وَ تَرْکِ کُلِّ شَائِبَهٍ [1] أَوْلَجَتْکَ [2] فِی شُبْهَهٍ أَوْ أَسْلَمَتْکَ إِلَی ضَلاَلَهٍ فَإِنْ أَیْقَنْتَ أَنْ قَدْ صَفَا قَلْبُکَ فَخَشَعَ وَ تَمَّ رَأْیُکَ فَاجْتَمَعَ وَ کَانَ هَمُّکَ فِی ذَلِکَ هَمّاً وَاحِداً فَانْظُرْ فِیمَا فَسَّرْتُ لَکَ وَ إِنْ لَمْ یَجْتَمِعْ لَکَ مَا تُحِبُّ مِنْ نَفْسِکَ وَ فَرَاغِ نَظَرِکَ وَ فِکْرِکَ - فَاعْلَمْ أَنَّکَ إِنَّمَا تَخْبِطُ الْعَشْوَاءَ [3] وَ تَتَوَرَّطُ [4] الظَّلْمَاءَ وَ لَیْسَ طَالِبُ الدِّینِ مَنْ خَبَطَ أَوْ خَلَطَ وَ الْإِمْسَاکُ [5] عَنْ ذَلِکَ أَمْثَلُ [6].
فَتَفَهَّمْ یَا بُنَیَّ وَصِیَّتِی وَ اعْلَمْ أَنَّ مَالِکَ الْمَوْتِ هُوَ مَالِکُ الْحَیَاهِ وَ أَنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْمُمِیتُ وَ أَنَّ الْمُفْنِیَ هُوَ الْمُعِیدُ وَ أَنَّ الْمُبْتَلِیَ هُوَ الْمُعَافِی وَ أَنَّ الدُّنْیَا لَمْ تَکُنْ لِتَسْتَقِرَّ إِلاَّ عَلَی مَا جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَیْهِ مِنَ النَّعْمَاءِ وَ الاِبْتِلاَءِ وَ الْجَزَاءِ فِی الْمَعَادِ أَوْ مَا شَاءَ مِمَّا لاَ تَعْلَمُ فَإِنْ أَشْکَلَ عَلَیْکَ شَیْءٌ مِنْ ذَلِکَ فَاحْمِلْهُ عَلَی جَهَالَتِکَ فَإِنَّکَ أَوَّلُ مَا خُلِقْتَ بِهِ جَاهِلاً ثُمَّ عُلِّمْتَ وَ مَا أَکْثَرَ مَا تَجْهَلُ مِنَ الْأَمْرِ وَ یَتَحَیَّرُ فِیهِ رَأْیُکَ وَ یَضِلُّ فِیهِ بَصَرُکَ ثُمَّ تُبْصِرُهُ بَعْدَ ذَلِکَ فَاعْتَصِمْ بِالَّذِی
[1] 3625.الشائِبه: ما یشوب الفکر من شک و حیره.
[2] 3626.أوْلَجْتک: أدخلتک.
[3] 3627.العَشْواء: الضعیفه البصر أی تخبط خبط الناقه العشواء لا تأمن أن تسقط فیما لا خلاص منه.
[4] 3628.تورّط الأمر: دخل فیه علی صعوبه فی التخلص منه.
[5] 3629.الإمساک عن الشیء: حبس النفس عنه.
[6] 3630.أمثل: أفضل.