حُبِّهَا وَ مَنْ عَشِقَ شَیْئاً أَعْشَی [1] بَصَرَهُ وَ أَمْرَضَ قَلْبَهُ فَهُوَ یَنْظُرُ بِعَیْنٍ غَیْرِ صَحِیحَهٍ وَ یَسْمَعُ بِأُذُنٍ غَیْرِ سَمِیعَهٍ قَدْ خَرَقَتِ الشَّهَوَاتُ عَقْلَهُ وَ أَمَاتَتِ الدُّنْیَا قَلْبَهُ وَ وَلِهَتْ عَلَیْهَا نَفْسُهُ فَهُوَ عَبْدٌ لَهَا وَ لِمَنْ فِی یَدَیْهِ شَیْءٌ مِنْهَا حَیْثُمَا زَالَتْ زَالَ إِلَیْهَا وَ حَیْثُمَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَ عَلَیْهَا لاَ یَنْزَجِرُ مِنَ اللَّهِ بِزَاجِرٍ وَ لاَ یَتَّعِظُ مِنْهُ بِوَاعِظٍ وَ هُوَ یَرَی الْمَأْخُوذِینَ عَلَی الْغِرَّهِ [2] حَیْثُ لاَ إِقَالَهَ وَ لاَ رَجْعَهَ کَیْفَ نَزَلَ بِهِمْ مَا کَانُوا یَجْهَلُونَ وَ جَاءَهُمْ مِنْ فِرَاقِ الدُّنْیَا مَا کَانُوا یَأْمَنُونَ وَ قَدِمُوا مِنَ الْآخِرَهِ عَلَی مَا کَانُوا یُوعَدُونَ فَغَیْرُ مَوْصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهِمْ اجْتَمَعَتْ عَلَیْهِمْ سَکْرَهُ الْمَوْتِ وَ حَسْرَهُ الْفَوْتِ فَفَتَرَتْ لَهَا أَطْرَافُهُمْ وَ تَغَیَّرَتْ لَهَا أَلْوَانُهُمْ ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ فِیهِمْ وُلُوجاً [3] فَحِیلَ بَیْنَ أَحَدِهِمْ وَ بَیْنَ مَنْطِقِهِ وَ إِنَّهُ لَبَیْنَ أَهْلِهِ یَنْظُرُ بِبَصَرِهِ وَ یَسْمَعُ بِأُذُنِهِ عَلَی صِحَّهٍ مِنْ عَقْلِهِ وَ بَقَاءٍ مِنْ لُبِّهِ یُفَکِّرُ فِیمَ أَفْنَی عُمُرَهُ وَ فِیمَ أَذْهَبَ دَهْرَهُ وَ یَتَذَکَّرُ أَمْوَالاً جَمَعَهَا أَغْمَضَ [4] فِی مَطَالِبِهَا وَ أَخَذَهَا مِنْ مُصَرَّحَاتِهَا وَ مُشْتَبِهَاتِهَا قَدْ لَزِمَتْهُ تَبِعَاتُ [5] جَمْعِهَا وَ أَشْرَفَ عَلَی فِرَاقِهَا تَبْقَی لِمَنْ وَرَاءَهُ یَنْعَمُونَ فِیهَا وَ یَتَمَتَّعُونَ بِهَا فَیَکُونُ الْمَهْنَأُ [6] لِغَیْرِهِ وَ الْعِبْءُ [7] عَلَی ظَهْرِهِ وَ الْمَرْءُ قَدْ غَلِقَتْ رُهُونُهُ [8] بِهَا فَهُوَ یَعَضُّ یَدَهُ نَدَامَهً عَلَی مَا أَصْحَرَ [9] لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ مِنْ أَمْرِهِ وَ یَزْهَدُ فِیمَا کَانَ یَرْغَبُ فِیهِ أَیَّامَ عُمُرِهِ وَ یَتَمَنَّی أَنَّ

[1] 1460.أعْشاه: أعماه.

[2] 1461.علی الغِرَّه: بکسر الغین - بغته و علی غفله.

[3] 1462.وُلُوجاً: دخولا.

[4] 1463.أغْمَضَ: لم یفرّق بین حلال و حرام، کأنه أغمض عینیه فلا یمیّز.

[5] 1464.تَبِعاتها - بفتح فکسر - ما یطالبه به الناس من حقوقهم فیها، و ما یحاسبه به اللّه من منع حقه منها و تخطّی حدود شرعه فی جمعها.

[6] 1465.المَهْنَأ: ما أتاک من خیر بلا مشقه

[7] 1466.العِبء: الحمل و الثّقل.

[8] 1467.غَلِقَتْ رهُونُهُ: استحقّها مرتهنها، و أعوزته القدره علی تخلیصها، کنایه عن تعذّر الخلاص.

[9] 1468.أصْحَرَ له: من «أصحر» إذا برز فی الصحراء، أی علی ما ظهر له و انکشف من أمره.