إن
كل مجتهد يعتمد بطبيعة الحال في صحة كل نص من النصوص التشريعية ما عدا النصوص
القرآنية و السنة القطعية على نقل أحد الرواة و أرباب الكتب في إطار خاص. و من
الضروري أن المجتهد مهما حاول في تدقيق وثاقة الراوي و امانته في النقل لن يتأكد
بشكل قاطع من صحة النص و مطابقته للواقع الموضوعي في نهاية المطاف و ذلك لجهات.
الأولى: أنه لا يعرف مدى وثاقة الراوي و أمانته في النقل بشكل مباشر و أنما وصلت
إليه في إطار نقل الآحاد تاريخياً في كتب الرجال. الثانية: أن الراوي مهما بلغت
وثاقته و أمانته في النقل مداها إلا أنه لك يكن مصوناً من الخطاء و الاشتباه، و نقل
ما لا واقع له، و بذلك يتغير وجه عملية الاجتهاد عن واقعها الموضوعي. الثالثة: أن
وصول النصوص التشريعية إليه لم يكن بشكل مباشر بل بعد أن تطوف عدة أشواط و تصل
إليه في نهاية المطاف. فالنتيجة على ضوء هذه الجهات الثلاث إن المجتهد في مقام
عملية الاجتهاد و تعيين الوظائف العملية تجاه الشريعة- مهما اهتم و بالغ في تدقيق
السند- لن يتمكن إن يتأكد بشكل قاطع بصحة تلك النصوص و صدورها من مصادرها، و
مطابقتها للواقع الموضوعي في كل شوط، فما ظنك في تمام الأشواط.
النقطة
الثانية:
إن
كل مجتهد بطبيعة الحال يعتمد في كشف مدا ليل النصوص التشريعية و تعيينها في اطارها
الخاص على الفهم العرفي و طريقتهم المتبعة في باب الألفاظ التي تقوم على أساس
مناسبات الحكم و الموضوع الارتكازية و تكوين قواعد مشتركة منها وفقاً لشروطها
العامة.
النقطة
الثالثة:
إن
كل مجتهد يعتمد في كشف مطابقة مدا ليل النصوص التشريعية المحددة بالفهم العرفي
لواقع التشريع الإسلامي على قاعدة عقلائية منذ عهد التشريع و هي أن العقلاء يحملون
كل كلام صادر من متكلم ملتفت على بيان الواقع و الجد دون التقية و نحوها.