أحدهما:
الأحكام الشرعية التي لا تزال تحتفظ بضرورتها بين المسلمين عامة
رغم
فصل هذه الأحكام عن عصر التشريع بقرون كثيرة، و سنين متطاولة متمادية. و هذا
الصنف- من الأحكام- الذي يتمتع بطابع ضروري لا تتجاوز نسبته إلى مجموع الأحكام
الشرعية عن ستة في المائة بنسبة تقريبية، و لا يوجد في هذا الصنف خلاف بين الفقهاء
و المجتهدين نهائياً، فإن الخلاف بينهم إنما يبدو في الأحكام الشرعية النظرية التي
يتوقف إثباتها على أعمال النظر و الفكر على ضوء البحث النظري و التطبيقي في علميّ
الأصول و الفقه. و يكون موقف جميع عناصر المكلفين من المجتهدين و المقلدين تجاه
ذلك الصنف من الأحكام على السواء فلا يرجع غير المجتهد فيه إلى المجتهد، حيث لا
موضوع فيه لعمليّة الاجتهاد و الاستنباط، لأن الاجتهاد أنما هو استخراج الحكم
الشرعي من دليله و تعيين الموقف العملي تجاه الشريعة بحكم التبعية لها. و الفرض أن
الموقف العملي لكل مكلف فيه تجاه الشرع معين بدون حاجة إلى أعمال النظر و التطبيق.
و لما كان ذلك الصنف من الأحكام شطراً قليلًا من مجموع الأحكام الشرعية الإسلامية
لم تعالج به مشاكل حياه الإنسان الكبرى في مختلف جوانبها و علاقاته مع الآخرين.
المادية و المعنوية، و لا يمكن الحفاظ به على حقوق الإنسان في تمام مجالاته
الفردية و الاجتماعية.
و
الصنف الآخر: الأحكام التي تتمتع بطابع نظري
و
هذا الصنف من الأحكام هو الذي يتوقف إثباته على عملية الاجتهاد و الاستنباط. و من
الطبيعي أن الوصول إلى مرتبة الاجتهاد لا يتيسر لكل أحد، حيث أنه يتوقف على تقديم
دراسات و دراسات و بذل جهد كثير في تكوين مجموعة قواعد مشتركة و نظريات عامة، و
ممارساتها خلال سنين كثيرة. و السبب فيه: أن عملية الاجتهاد من النصوص التشريعية
كالكتاب و السنة تتوقف على دراسة عدة نقاط على صعيد البحث النظري و التطبيقي بشكل
ذات طابع إسلامي على الرغم من تقديم دراسة مجموعة علوم بصورة مسبقة كالإعداد لها.