ضمن البحوث القادمة أنّ كلا الأثرين لا يصلح أن
يكون أثراً فقهياً للمسألة الاصولية مباشرة ومن هنا قلنا أنّ مسألة مقدّمة الواجب
ليست من المسائل الاصولية التي تقع في طريق عملية الاستنباط للحكم الفقهي الكلّي
بنحو مباشر كما هو شأن المسألة الاصولية بل تقع بواسطة مسألة اصولية فتكون صغرى
لها وتمام الكلام هناك.
[المقام
الثاني: هل الملازمة ثابتة]
وأمّا
الكلام في المقام الثاني فتارةً يقع في ثبوت الملازمة في مرحلة الارادة واخرى في
مرحلة الجعل والاعتبار.
[1-
في مرحلة الإرادة]
أمّا
الأول فلا شبهة في ثبوت الملازمة في هذه المرحلة لوضوح أنّ المولى إذا أراد شيئاً
بالأصالة أراد مقدّماته أيضاً بالتبع كما أنّ حبّ شيء يستلزم حبّ مقدّماته وهذا التلازم
أمر وجداني لا برهاني فلهذا لا يمكن الزام الخصم به فالنتيجة أنّ الإيمان بالمسائل
النظرية إنّما هو بالبرهان وأمّا الإيمان بالمسائل الوجدانية فإنّما هو بشهادة
الوجدان.
و
دعوى أنّه لا ملازمة بين إرادة شيء وإرادة مقدّماته لأنّ إرادة المقدّمة ليست
بمعنى تعلّق الحبّ والشوق بها بل بمعنى إعمال القدرة نحو الاتيان بها وما قيل من
أنّ إرادة شيء تستتبع إرادة مقدّماته المستتبع لتحريك العضلات نحوها خلاف الوجدان
لأنّ الإرادة والشوق إنّما هي تجاه ذي المقدّمة دونها ومن هنا إذا كانت المقدّمة
محرّمة وتكون مساوية مع وجوب ذيها في الأهمية فلا يعقل تعلّق الحبّ والشوق بها
تبعاً للحب والشوق بذيها.
مدفوعة
بأنّ إرادة المقدّمة إرادة تبعية بمعنى أنّها من شؤون إرادة ذيها ومن مراتب وجودها
النازلة لأنّها متولّدة منها ولهذا لا تكون محرّكة مستقلّة فإنّ محرّكيتها إنّما
هي بمحرّكية إرادة ذيها ودعوتها إنّما هي بدعوتها لا بالذات وأمّا إذا كانت
المقدّمة محرّمة مساوية لذيها في الأهمية ملاكاً فمع لحاظ التزاحم بينهما