مع وجود ملاكه فيه الذي هو حقيقة الوجوب وروحه
فلا محالة يجعل الشارع الوجوب لمقدّمته، لأنّ مراد الشارع بالأصالة ومقصوده
الحقيقي تحصيل الملاك واستيفائه كان هناك وجوب بمعنى الاعتبار أم لا، فإذا كان ذلك
متوقّفاً على مقدّمة فلا محالة بأمر الشارع بها تبعاً، والمفروض أنّ الأمر
بالمقدّمة ليس معلولا للأمر بذيها لكي لا يمكن فرض الأمر بالمقدّمة بدون الأمر به
بل كلاهما مجعول من قبل الشارع، فإذا لم يمكن جعل الأمر الأول لمانع فلا مانع من
جعل الأمر الثاني وهو الأمر بالمقدّمة، إلى هنا قد تبيّن أنّ ما ذكره السيّد
الاستاذ (قدس سره) من الفرق بين الواجب النفسي والواجب الغيري لا يمكن المساعدة
عليه.
الخامس
ما ذكره بعض المحقّقين (قدس سره) بتقريب أنّ ملاك النفسي والغيري في تعريف المشهور
ليس بلحاظ عالم الملاك والمباديء بل بلحاظ عالم الالزام وتحميل المسؤولية من قبل
المولى على العبد، فإنّ الواجب النفسي ما يعاقب على تركه بما هو هو والواجب الغيري
ما لا يعاقب على تركه بما هو هو بل بما هو يؤدّي إلى ترك شيء آخر، وعلى هذا فإذا
جعل المولى نفس المصلحة في عهدة المكلّف ابتداءً واشتغلت ذمّته بها كانت هي الواجب
النفسي، والفعل بما أنّه محصّل لها فيكون وجوبه غيرياً لأنّ اشتغال الذمّة
واستحقاق العقوبة يكونان بلحاظها.
وأمّا
إذا جعل المولى نفس العمل كالصلاة والصيام ونحوهما في العهدة واشتغلت الذمّة به،
كان الفعل واجباً نفسياً، لأن استحقاق العقوبة إنّما هو بلحاظه لا بلحاظ المصالح
المترتّبة عليه[1] هذا.
ويمكن
المناقشة فيه بتقريب أنّ متعلّق الالزام وإن كان نفس الفعل