فإنّ بعض الروايات المثبتة صادرة عن
الإمام الصادق عليه السلام وبألسنة ظاهرها أنّ هذا حكم أولي شرعي، بل قد عرفت
تصريح صحيح زرارة بجعل النبي صلى الله عليه و آله و سلم الصدقة على كل ما أنبتته
الأرض غير الخضر وما يفسد ليومه، ودلالة صحيحته الاخرى في مال التجارة في الحوار
الذي دار بين الإمام الباقر عليه السلام والصادق عليه السلام على مطلوبية الانفاق
والصدقة على الفقراء والمساكين في نظر الإمام الصادق عليه السلام.
فمجموع هذه القرائن تجعل الجمع العرفي الأوّل والذي ذهب إليه المشهور
هو الأقرب والأظهر في بعض الروايات في الوقت الذي يكون جعل الزكاة بعنوان حكم
ولائي ممكناً، بل هو ظاهر الرواية التي تنقل ما جعله أمير المؤمنين عليه السلام من
الزكاة على الخيل والبرذون، وحيث لا منافاة بين الجمعين فيمكن الأخذ بهما معاً؛
لظهور بعض الروايات في الحكم الأولي وبعضها في الحكم الولائي، فيحكم باستحباب
الصدقة في كل الحبوب وما تنبته الأرض ما لم يلزم فساده، وبأنّ للإمام عليه السلام
ونائبه أيضاً وضع الزكاة كحكم ولائي على ما يراه لازماً أو مناسباً، حسب اختلاف
الأزمنة والبلاد.