ولم أوجب ذلك عليهم في كل عام ولا اوجب
عليهم إلّاالزكاة التي فرضها اللَّه عليهم.
وإنّما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليهما
الحول ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا آنية ولا دواب ولا خدم ولا ربح ربحه في
تجارة ولا ضيعة إلّاضيعةً سأفسّر لك أمرها تخفيفاً منّي عن موالّي ومنّاً منّي
عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينوبهم في ذاتهم، فامّا الغنائم والفوائد
فهي واجبة عليهم في كل عام، قال اللَّه تعالى: «وَاعْلَمُوا
أَنَّمَا غَنِمْتُم مِن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ...»[1].
والغنائم والفوائد- يرحمك اللَّه- فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة
يفيدها والجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر، والميراث الذي لا يحتسب من غير
أب ولا ابن، ومثل عدوّ يصطلم فيؤخذ ماله، ومثل مال يؤخذ لا يعرف له صاحب، وما صار
إلى موالّي من أموال الخرمية الفسقة.
فقد علمت أنّ أموالًا عظاماً صارت إلى قوم من موالي فمن كان عنده
شيء من ذلك فليوصل إلى وكيلي، ومن كان نائياً بعيد الشقة فليتعمّد لايصاله ولو
بعد حين، فإنّ نية المؤمن خير من عمله، فأمّا الذي أوجب من الضياع والغلات في كل
عام فهو نصف السدس ممّن كانت ضيعته تقوم بمؤنته، ومن كانت ضيعته لا تقوم بمؤنته
فليس عليه نصف السدس ولا غير ذلك»[2].