بل رواية أبي بصير هو الموافق مع مذهب أبي حنيفة فلابد وأن يحمل على التقية، فلا يقاس صحيح زرارة ومحمّد بن مسلم برواية مروان بن مسلم، ولا يمكن جعلها شاهدة على صدوره تقية، على أنّك قد عرفت أنّ المراد بالمال في رواية مروان لا إطلاق له لغير المال الصامت.

هذا، مضافاً إلى أنّ حمل صحيح زرارة ومحمّد بن مسلم على التقية إنّما ينتهى إليه بعد التعارض إذا لم يكن الترجيح بموافقة الكتاب ثابتاً فيه، كما هو كذلك في المقام؛ لأنّ صحيح أبي بصير مخالف لعموم آية الزكاة، وصحيح زرارة ومحمّد بن مسلم موافقان له، فيكون الترجيح بالمرجح الأوّل وهو بصالح صحيح زرارة ومحمّد بن مسلم، فيثبت قول القدماء.

نعم، من لا يرى تمامية المقتضي والعموم في الآية الكريمة، أو يرى تمامية العموم في روايات نفي الزكاة في مال اليتيم للغلات والمواشي أيضاً وأنّها مخصّصة لعموم الآية إذا افترضناها متواترة وقطعية الصدور لا يتمّ عنده المرجح الأوّل، بل كانت موثقة أبي بصير هي الموافقة مع دليل قطعي السند.

ولكنك عرفت تمامية عموم الآية وعدم تمامية عموم الروايات لغير النقدين، على أنّ ما يكون عامّاً منها لا يتجاوز رواية أو روايتين، فلا عام قطعي السند على النفي.

لا يقال: الترجيح بموافقة الكتاب إنّما يكون فيما إذا كان الإطلاق والعموم الكتابي حجة لا ما إذا كان مخصّصاً بالرواية الدالة على نفي الزكاة في مطلق مال اليتيم بناءً على استفادة العموم منه.