يختلف عن الحاجات التكوينية الاخرى، لان
تلك الحاجات تكون بنفسها و على نحو الموضوعية مئونة متى ما تحققت بخلاف باب الدين،
فانه و ان كان يستبطن شغل الذمة و الذي يريد الانسان رفعه و التخلص عنه، الّا انه
في نفس الوقت يلحظ العرف بأن اشتغال الذمة هذا كان في قبال مال آخر قد صرف سابقا
في شأن من الشئون، و ان الوفاء كأنه نحو مبادلة بين مال الوفاء و مقابل ذلك الدين،
و هذه الخصوصية تجعل العرف ينظر الى اداء الدين بنظرة طريقية، فكأن مال الوفاء
مصروف في مقابل الدين، فاذا كان ذلك من مئونات سنة الربح كان مستثنى من الخمس و
الّا فلا.
و اصل هذه النظرة الطريقية المشيرة لا ينبغي التشكيك فيها، و كأن
المصنف (قدّس سرّه) لاحظها بوجدانه غير انه جعلها بلحاظ زمان نفس الدين و اشتغال
الذمة، فجعل الميزان سبق الدين و عدمه و عطف على ذلك أيضا النذورات و الكفارات، مع
ان الصحيح جعل ذلك طريقا الى ما يقابل الدين، فلو كان الدين سابقا و لكنه صرفه في
مئونة عام الربح كان مئونته أيضا، و كان يمكن حمل عبارته على ذلك لو لا عطف
النذورات و الكفارات على الديون في ذيل المسألة.
فالحاصل: اصل النظرة الطريقية لا ينبغي التشكيك فيها كما أكد عليه
سيدنا الشهيد الصدر (قدّس سرّه) في تعليقته على منهاج الصالحين[1]
فلا يقاس اداء الديون بالحاجات التكوينية الاخرى، الّا ان البحث في حدود هذه
النظرة و مقدار ما يساعد عليها العرف.
و لا إشكال في ثبوتها في مورد الديون خصوصا اذا كان الدين من جهة
المئونة مباشرة، كما اذا اشترى شيئا ممّا يحتاج إليه دينا ثم وفاه من ارباح السنة
[1]- هامش منهاج الصالحين، ج
1، ص 469( ط. دار التعارف).