و بيت مال المسلمين، كما صرحت بذلك مرسلة
هشام بن سالم، و لو فرض انّ اطلاقها يقتضي ان يخسر المالك الثمن من كيسه في
استرجاع ماله أمكن تقييده بذلك بمقتضى مرسلة هشام بل و صحيحته أيضا، لانه مجرد
اطلاق قابل للتقييد.
و الحاصل: يمكن افتراض انّ كل واحدة من هذه الروايات تنظر الى جهة و
جانب من الحكم غير ما تنظر إليه الاخرى، فمرسلة هشام تدل على انّ قيمة المماليك لا
تذهب هدرا على اصحابها اذا كانت قد قومت في سهام المسلمين و بيعت لهم، بل في الوقت
الذي يكون أثمانها سهاما للمقاتلين لا بدّ للامام ان يضمن لأصحابها قيمتها، و
صحيحة الحلبي و مرسلة جميل تدلان على انّ صاحب المال اذا وجد ماله قبل القسمة أخذه
و لم يكن شيء منه للمقاتلين و أمّا اذا وجده بعد القسمة بيد من صارت من سهمه أو
بيع لذلك كان له حق استرجاعه، و لكن لا مجانا فيذهب حق من خرج المال من سهمه هدرا
بل مع دفع قيمته إليه فكأنه أصبح شريكا فيه و لو بلحاظ ماليته و ثمنه و من هنا عبر
بالشفعة أيضا في الصحيحة، فهو مخير بين أخذ ثمنه من بيت المال و بين استرجاعه و
تعويض الامام للمقاتل، فيكون هذا هو المقصود من كونه أحق به بالثمن أو بالشفعة، أي
أحق به مع عدم تضييع حق المقاتل و لو من بيت المال، و هذا المعنى أيضا ثابت بمقتضى
القاعدة، اذ كما لا يخرج المال المحترم عن احترامه و حق مالكه بالاغتنام كذلك لا
يمكن ان يذهب حق الغانم و سهمه في المغنم بعد تقسيمه عليه هدرا، و يؤيد هذا المعنى
رواية طربال، عن أبي جعفر عليه السلام (قال: سئل عن رجل كان له جارية فأغار عليها
المشركون فأخذوها منه ثم ان المسلمين بعد غزوهم أخذوها فيما غنموا منهم، فقال: إن
كانت في الغنائم و أقام البيّنة انّ المشركين أغاروا عليهم فأخذوها منه ردّت عليه
و ان