منشأه الجهل بالحكم، فيكون العمد بنفسه
شاملًا للجهل أيضاً خصوصاً مع جعله مقابل النسيان.
هذا في صحيح زرارة، و أمّا رواية منصور فبإطلاق المفهوم فيها، و حيث
إنّ هذه الروايات واردة في الاجزاء غير الركنية التي هي سنّة في الفريضة و ناظرة
إليها، فتكون بحكم الأخص من المطلقات كصحيح زرارة «لا تعاد الصلاة إلّا من خمس» و
لو فرض التعارض بنحو العموم من وجه كان المرجع أيضاً إطلاقات الشرطية و الجزئية.
و اخرى يكون بتقريب آخر لا يتوقف على إطلاق
العمد لحالات الجهل و لا إطلاق المفهوم في رواية منصور، و حاصله: إنّ ورود عنوان
النسيان في لسان هذه الروايات مع وضوح وحدة الجعل و كونها كروايات القاعدة ناظرة
إلى مطلب واحد بحكم التعليل فيهما معاً يوجب حمل المطلقات عليها، و أنّ المقصود من
نفي الاعادة في هذه الأخبار جميعاً إنّما هو نفيها في حالة الاخلال بها نسياناً و
إلّا يلزم إلغاء قيد النسيان و السهو الوارد فيها.
و قد يجاب عن الاول بأنّ الظاهر من عنوان العمد هو العلم، فلا يشمل
صورة الجهل. و قد يستشهد لذلك بما ورد في صحيح زرارة في الجهر في موضع الاخفات و
بالعكس من نفس التعبير، أي من فعل ذلك متعمّداً فقد نقض صلاته و عليه الاعادة، فإن
فعل ذلك ناسياً أو ساهياً أو لا يدري فلا شيء عليه، و قد تمت صلاته ([1])
مما يعني أنّ صورة عدم العلم و الجهل مقابل للعمد، و كذلك صورة النسيان الشامل
لنسيان الحكم مع الالتفات إلى ترك الموضوع.
هذا، و لكن الصحيح أنّ العمد إذا اضيف إلى عنوان الفعل أو الترك
فظاهره صدور ذلك الفعل أو الترك عنه بالالتفات و الاختيار سواء كان حكمه معلوماً
أم مجهولًا،
[1] راجع: الوسائل 4: 766،
ب 26 من القراءة في الصلاة، ح 1 و 2.