استيفاء الأقل في تلك الحالة لتمام
الملاك كالأكثر في حال العمد تمسكاً بأدلّة سائر الأجزاء و الشرائط، فيقع صحيحاً
لا محالة و مجزياً، فلا تجب الاعادة عليه، هذا بلحاظ الملاك و روح الحكم.
و أما بلحاظ الخطاب فقد يقال بأنّه لا يمكن تصحيح الأقل في حال
النسيان بالأمر، و إنّما يتعيّن تصحيحه بالملاك مع تعلّق الأمر بالاكثر بخصوصه؛
لأنّه يستحيل تخصيص خطاب بالأقل للناسي، إذ يستحيل وصوله إليه؛ فإنّ الناسي لا يمكن
أن يتصور نفسه ناسياً و موضوعاً لهذا الخطاب، بل هو يتصور نفسه متذكّراً دائماً و
منبعثاً عن الأمر الأول، و بمجرّد التفاته إلى كونه ناسياً يخرج عن ذلك، فجعل مثل
هذا الخطاب لغو محض، و لعل هذا هو منشأ القول بأنّ الأقل المأتي به في حال النسيان
رغم كونه وافياً بتمام الملاك لا يكون مأموراً به، بل هو غير مأمور به و لكنه مسقط
للخطاب؛ لتحقيقه تمام الملاك المطلوب للمولى، و إنّما لم يشمله الأمر مع أنّه تابع
إطلاقاً و تقييداً للملاك، باعتبار استحالة تكليف الناسي حيث لا يمكن تكليفه هنا:
لا بالأكثر؛ لعدم دخل الزائد في الملاك في حقه، و لا بالأقل لاستحالته. و بهذا
يميز بين المقام و بين موارد تعذّر الجزء أو الشرط؛ فإنّ صحة الأقل فيها كاشف عن
كون الواجب هو الجامع، فيرجع إلى تقييد الجزئية و الشرطية خطاباً أيضاً؛ لعدم
استحالة جعل التكليف بالأقل في حال التعذّر بخلاف المقام. فما ذكره البعض: من أنّ
وفاء الأقل بالملاك في المقام لا بد و أن يرجع إلى الحكومة و التقييد في مرحلة
الجعل غير تام ما لم يحل إشكال استحالة تكليف الناسي.
إلّا أنّ الصحيح أنّه يمكن تصحيح عمل الناسي بالأمر بالأقل، فيكون
التقييد راجعاً إلى مرحلة الجعل أيضاً؛ و ذلك بجعل الأمر بالجامع بين الأكثر في
حال العمد و الأقل المقيد بحال النسيان، و هو أمر واحد شخصي على طبيعي المكلّف،
غاية الأمر أنّ الناسي يرى نفسه متذكّراً دائماً و ممتثلًا لأفضل الحصتين من هذا
الجامع مع أنّه يقع منه أقلّهما و لا محذور فيه، فهو من قبيل أن يأمر المولى
بالجامع بين