و فيه: أولًا: ما تقدّم في نقد التقريب الأول أيضاً من عدم تماميته فيما إذا لم
يكن النسيان مستوعباً لتمام الوقت؛ لأنّ الاتيان بالأكثر بين الحدّين الذي هو
متعلّق التكليف ليس منسيّاً، و إنّما المنسي الاتيان به في خصوص جزء من الوقت، و
ليس ذلك موضوعاً لحكم شرعي حتى يرفع بالحديث.
و ثانياً: عدم صحة أصل التمسك بالحديث بلحاظ
الجزئية و الشرطية و نحوها من الاحكام الوضعية، لا لعدم كونها شرعية، فلا يكون أمر
رفعها بيد الشارع ليقال بأنّ الرفع ظاهري، أو يقال بأن منشأ وضعها بيده، بل لأنّ
ما فيه الثقل و الكلفة إنّما هو الحكم التكليفي و الأمر بالجزء لا الحكم الوضعي
بالجزئية و الشرطية، و الذي يعني الملازمة بين إيجاب الكل و إيجاب الجزء، و الحكم
التكليفي لا يكون رفعه في حق الناسي حتى واقعاً- لو سلم- مقتضياً لوجوب الأقل عليه
الذي لا بد من إثباته في تصحيح عمله، فلا يمكن إثبات الأمر بالأقل، بل يكون إطلاق
دليل الجزئية أو الشرطية كحكم وضعي ثابت محكَّماً و مثبتاً للاعادة و القضاء كما
هو واضح.
و ثالثاً: ما تقدّم أيضاً من المنع عن دلالة
الحديث على الرفع الواقعي في مورد النسيان، بل غايته رفع التبعة و العقوبة، فلا
مانع من التمسّك باطلاق دليل الأمر الفعلي بالاكثر في حق الناسي و إن كان غير منجز
عليه حال نسيانه.
و هكذا يتضح عدم صحة شيء من التقريبين و أنّ مقتضى الأصل و القاعدة
الاولية في موارد السهو و النسيان ما هو ثابت في غيره من موارد الاخلال من وجوب
الاعادة في داخل الوقت و القضاء خارجه لو لا قاعدة «لا تعاد».
و بهذا يظهر أهمية هذه القاعدة من الناحية الفقهية.
الأمر الثالث
: إنّ نفي الاعادة المفاد بهذه القاعدة يتصور ثبوتاً- مع قطع النظر
عما يستفاد من القاعدة- بأحد نحوين:
النحو الأول: أن تكون الجزئية أو
الشرطية مقيدة بغير حال النسيان، و هذا يعني