قد تعورف في أزمنتنا أن يتفق الطرفان على البيع أو الايجار و لكن
بنحو التواعد و الاقرار الابتدائي لا النهائي ليبتّان في ذلك فيما بعد. و قد يدفع
المستأجر أو المشتري ضمن هذا القرار الابتدائي مقداراً من المال يسمّى بالعربون ([1])،
فما هو حكم هذا القرار المعاملي؟ و هل هو مجرد وعد ابتدائي غير ملزم أو إنشاء
للايجار و العربون جزء من الاجرة أو هو عقد آخر مستقلّ؟
و لتوضيح حكم هذه المسألة المبتلى بها كثيراً ينبغي البحث في جهتين:
الاولى: في حكم التوافق على البيع أو الايجار، و أنّه هل يكون ملزماً
أم لا؟
الثانية: في حكم العربون المعطى و كيفية تخريجه.
الجهة الاولى- في حكم التوافق على البيع أو الايجار
: فقد جاء في الفقه الوضعي ([2])
أنَّ التوافق على البيع أو الايجار في المستقبل بنفسه عقد و التزام، فاذا كان من
الطرفين كان ملزماً لهما- و قد سمّاه الفقه الوضعي بالاتفاق الابتدائي- و اذا كان
من أحد الطرفين بأنّ التزم أن لا يبيعه إلى رأس الشهر مثلًا من أجله كان ملزماً
لذلك الطرف- و قد سمّاه بالوعد بالتعاقد- فاعتبر ذلك عقداً صحيحاً يترتب عليه
الآثار، إلّا أنَّ الأثر ليس هو حصول الحق العيني و النقل
[1] انظر: النهاية 3: 202(
مادة: عرب). القاموس المحيط 1: 103.
[2] راجع: الوسيط على شرح
القانون المدني 4: 55، و كذلك 1: 249.