هذا، مضافاً إلى أنّ هذا إنّما يصحّ فيما إذا فرض وجود عين اخرى
زائداً على العمل الذي يصبّه الأجير على مال المستأجر كالبطانة للقماش.
و أمّا في المقام فالعين المصنوعة بتمامها للصانع، و ليس شيء منها
للمستصنع، و عندئذٍ يكون عمل إيجادها مقدّمة لها، و ليس للمستصنع غرض في إيجادها
بقطع النظر عنها، بل و لا مالية لإيجادها مع قطع النظر عنها، فلا يوجد مالان
أحدهما عمل الصانع و الآخر الشيء المصنوع، بل هناك مال واحد إمّا هو المصنوع أو
هو العمل و الإيجاد بلحاظ ما له من نتيجة و نماء و فائدة.
فلا يصحّ أن يتحقق سببان و إنشاءان معامليان أحدهما تمليك عمل
الإيجاد بالإجارة و الآخر تمليك المصنوع الناتج منه بالشرط. بل إمّا أن يكون
المصنوع بمثابة النماء و المنفعة للعمل فيصحّ إيجار العمل على أساس الوجه السابق،
و إلّا- كما هو كذلك- فلا تصحّ الإجارة على الإيجاد و تمليك المصنوع بالشرط؛ لعدم
تعدّد المال، بل و عدم صحة الإجارة على ما لا مالية له، و هو الإيجاد بعد أن لم
يكن مستتبعاً لتملّك المال المصنوع، فترجع المعاملة لبّاً و روحاً إلى تمليك
المصنوع بصيغة الشرط.
و منه يظهر أيضاً بطلان تخريج الاستصناع على أساس الإجارة أو الجعالة
في قبال تمليك المصنوع للمستصنع، فإنّ عمل التمليك لا مالية له مستقلّاً عن العين
المملّكة و إلّا أمكن إرجاع كل بيع إلى إجارة.
التخريج الرابع
: و أمّا التخريج الرابع فهو أن يكون الاستصناع مركّباً من أكثر من
عقد واحد.
و تصويره المتعارف بأن يكون مشتملًا على توكيل الصانع بشراء مادة
الصنع له، فيشتمل على وكالة أولًا ثمّ شراء للمادة بالوكالة للمستصنع ثانياً، ثمّ
هو أجير على صنعها بالنحو الذي يريده المستصنع بالاجرة المتفق عليها بينهما.