من كيس الإمام و ملكه لا من ملك الغني
الذي عليه الخمس، و هذا يعني أنّ حيثية التكريم المسلّمة بنفسها تعيّن أن يكون
الخمس بتمامه ملكاً لمنصب الإمامة و الولاية و حقاً للإمارة، و إلّا فلو كان نصفه
ملكاً للفقراء من بني هاشم من كيس الغني، كالزكاة التي هي ملك لجهة الفقراء من غير
بني هاشم؛ لم يبقَ فرق بين الفقير الهاشمي و غيره من حيث أخذه لحقّه من الغني
ابتداءً، فأيّ تكريم في البين؟! و كيف لم يكن الخمس لبني هاشم من الأوساخ أو ممّا
في أيدي الناس؟! و مجرد تسمية أحدهما بالزكاة و الآخر بالخمس لا يغيّر الواقع
شيئاً، على أنّ عنوان الزكاة أو الصدقة يطلق عليهما معاً، كما ورد ذلك في صحيحة
ابن مهزيار الطويلة و غيرها من الروايات، و كما هو مفهومها اللغوي.
و هذا أيضاً يشكّل قرينة لبيّة و فهماً عامّاً مانعاً عن استظهار
التقسيمِ في الملكية من الروايات، و انتقالِ نصف الخمس ابتداءً من كيس الغني إلى
الأصناف الثلاثة من بني هاشم.
الأمر الرابع- و هو أهمّ القرائن-: دلالة
طوائف عديدة من الروايات على أنّ الخمس بتمامه ملك لجهة الإمامة:
منها: أخبار التحليل المتقدمة ضمن الأبحاث
السابقة، فانّها كانت صريحة في أنّ الخمس كله للإمام، أو لفاطمة عليها السلام و
لمن يلي أمرها من بعدها من ذرّيتها الحجج، أو لنا أهل البيت، عليهم السلام، و لهذا
حلّلوه لشيعتهم، و هذا يلازم- عرفاً و عقلائياً- كونَهم مالكين لتمامه، و لهذا
استشكل بعضهم في عموم التحليل، و حملوا الأخبار على تحليل نصف الخمس فقط و هو
سهمهم.
و لكنك عرفت فيما سبق أنّ هذا خلاف إطلاق بل صريح تلك الروايات، و
حمل ذلك على الرجوع إليهم من باب الولاية خلاف ظاهرِ التعبيرات المذكورة فيها بل
صريحِ بعضها؛ من التعبير بالتحليل على الشيعة و التحريم على أعدائهم، كما لا يخفى
على من راجعها.