المقتول أو انتقالهم إلى الدية بقوله:
«لأنّه قد حارب و قتل و سرق» ممّا يعني أنّ الميزان و المعيار لهذا الحدّ إنّما هو
هذا العنوان، فإنّ التعليل لا بدّ و أن يكون ببيان ما هو الموضوع و الملاك لترتّب
حدّ القتل و الذي لا يكون قابلًا للعفو أو الانتقال إلى الدية، فيكون التعليل
المذكور في ذيل الرواية خير دليل على تحديد موضوع هذا الحدّ في ما ذكر فيه و هو
المحاربة و القتل و السرقة، و لكن حيث يعلم من الآية و فهم من الفقرات السابقة أنّ
القتل و السرقة أحد شقوق المحاربة فيكون القيد الثاني لا محالة إرادة ذلك، سواء
تحقّق أو لم يتمكّن منهما أو تحقّق أحدهما دون الآخر، و هذا واضح.
ثمّ إنّ هذه الصحيحة فيها نكتتان إضافيّتان يجدر الوقوف عندهما:
إحداهما: ما في صدرها من التفصيل بين شهر السلاح في مصر من الأمصار و
شهره في غير الأمصار، و جعل الأوّل من موارد القصاص و الثاني من المحاربة، و هذا
يناسب فتوى العامّة بأنّ المحاربة مخصوصة بما إذا كان شهر السلاح من أجل السلب و
النهب خارج البلد، و الذي يعبّر عنه بقطّاع الطريق، و قد تقدّم عند استعراض كلمات
فقهائنا عدم الاختصاص بذلك.
هذا، و لكن سوف يأتي في شمول بعض الروايات، بل ورود بعضها في المحارب
الشاهر للسلاح في البلد، فلا وجه للاختصاص، فيحمل صدر هذه الصحيحة على من شهر
السلاح من دون إخافة و سلب الأمن و نحوه- كما في بعض الأشقياء داخل المدن- و لعلّ
عدم ذكر فرض السرقة و أخذ المال في الشقّ الأوّل في الصحيحة أيضاً قرينة على إرادة
ذلك، لا المحاربة و سلب الأمن داخل البلد.
الثانية: أنّ ظاهر الصحيحة أنّ المحارب إذا أخذ المال و عقر و لكنّه
لم يقتل فالإمام مخيّر فيه بين قتله أو قطع يده و رجله من خلاف، و أمّا إذا كان قد
قتل وجب عليه أن يقتله، و هذا يمكن أن يكون وجه جمع بين ما دلّ على تخيير الإمام
في حدّ المحاربة بين العقوبات الأربع المقرّرة في الآية المباركة و ما دل على أنّ
ذلك لا بدّ