نقلها الصدوق في الفقيه بسندين إلى
قضيّتين متشابهتين و إن كان بينهما فروق، و قد علّق عليهما بأنّ اختلافهما من جهة
أنّهما في قضيّتين كانت إحداهما قبل الاخرى، و ما ذكر سنده منهما ينتهي إلى ابن
عبّاس و أكثر رجال السند فيه مجهولون و من العامّة، و النقل الآخر ابتدأه مرسلًا و
قال: «جاء أعرابي إلى النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم فادّعى عليه سبعين درهماً
ثمن ناقة باعها منه، فقال: قد أوفيتك، فقال: اجعل بيني و بينك رجلًا يحكم بيننا،
فأقبل رجل من قريش، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: احكم بيننا، فقال
للأعرابي: ما تدّعي على رسول اللَّه؟ قال: سبعين درهماً ثمن ناقة بعتها منه. فقال:
ما تقول يا رسول اللَّه؟ قال: قد أوفيته، فقال للأعرابي: ما تقول؟
قال: لم يوفني، فقال لرسول اللَّه: أ لك بيّنة على أنّك قد أوفيته؟ قال: لا، قال
للأعرابي: أ تحلف أنّك لم تستوف حقّك و تأخذه؟ فقال: نعم. فقال رسول اللَّه صلى
الله عليه و آله و سلم: لأتحاكمنّ مع هذا إلى رجل يحكم بيننا بحكم اللَّه عزّ و
جلّ، فأتى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم عليّ بن أبي طالب عليه السلام و
معه الأعرابي، فقال علي عليه السلام: ما لك يا رسول اللَّه؟ قال: يا أبا الحسن،
احكم بيني و بين هذا الأعرابي. فقال عليّ عليه السلام: يا أعرابي، ما تدّعي على
رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم؟ قال: سبعين درهماً ثمن ناقة بعتها منه،
فقال: ما تقول يا رسول اللَّه؟
قال: قد أوفيته ثمنها. فقال: يا أعرابي أصدق رسول اللَّه صلى الله
عليه و آله و سلم فيما قال؟ قال: لا، ما أوفاني شيئاً. فأخرج عليّ عليه السلام
سيفه فضرب عنقه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: لِمَ فعلت يا علي
ذلك؟ فقال: يا رسول اللَّه نحن نصدّقك على أمر اللَّه و نهيه و على أمر الجنّة و
النّار و الثواب و العقاب و وحي اللَّه عزّ و جلّ و لا نصدّقك في ثمن ناقة هذا
الأعرابي! و إنّي قتلته لأنّه كذّبك لمّا قلت له أصدق رسول اللَّه فيما قال، فقال:
لا ما أوفاني شيئاً، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: أصبت يا عليّ،
فلا تعد إلى مثلها، ثمّ التفت إلى القرشي و كان قد تبعه، فقال: «هذا حكم اللَّه،
لا ما حكمت به» ([1]).
[1] من لا يحضره الفقيه 3:
60، ب 46 من أبواب القضايا و الأحكام، ح 1، 2. الوسائل 18: 200، ب 18 من كيفيّة
الحكم و أحكام الدعوى، ح 1.