مضمونه ما لم يقطع بمخالفة الحكم للواقع،
أنّ هذا المعنى لا يكاد يحرز من العمومات السابقة، بل غاية ما تقتضي العمومات كون
الفاصل هو الحكم المطابق للواقع، و مثل ذلك لا يمنع عن سماع الدعوى و البيّنة على
خلافه عند الشكّ في مخالفته للواقع المساوق للشكّ في كونه فاصلًا و إن فرض
محكوميته بالصحّة و الفاصلية ببركة أصالة الصحّة لو لا دليل أو أمارة اخرى على
خلافه. و لكن ذلك المقدار لا أظنّ التزامه من القائل بالميزانية لعلم القاضي، و
عليه فلا يكاد تتمّ الميزانية بالنحو المزبور على وجه لا تسمع بعده الدعوى و
البيّنة على خلافه مع الشكّ في مخالفة حكمه للواقع إلّا بتماميّة الإجماع المدّعى
على ميزانية علمه أو دعوى الإجماع على الملازمة بين الجواز التكليفي لهذا القضاء و
بين نفوذه وضعاً في حقّ غيره، و إتمام الوجهين عهدته على مدّعيه، و إلّا فلا مجال
لإثبات ميزانيّة العلم للقضاء بنحو ميزانية البيّنة و سائر الموازين له» ([1]).
و محصّل ما أفاده هذا المحقّق قدس سره على طول كلامه و التكرار
الملحوظ فيه: أنّ نفوذ حكم القاضي بعلمه إن كان على أساس كون الحقّ و الواقع
موضوعاً و ميزاناً لجواز القضاء و العلم أو البيّنة طريق إليه- كما هو مبنى
الاستدلال بالعمومات- فلازمه أن لا يكون حكم الحاكم نافذاً إلّا مع إحراز كونه
مطابقاً للواقع ليكون حكماً بالحقّ، فإذا كان حكمه مستنداً إلى البيّنة أحرزنا ذلك
بالبيّنة التي هي حجّة لكلّ أحد، فلا تسمع الدعوى على الخلاف. و أمّا إذا كان حكمه
مستنداً إلى علمه فلا يحرز لغيره أنّ حكمه بالحقّ إلّا إذا كان هو أيضاً عالماً
بمطابقة الحكم للواقع، فتسمع الدعوى على الخلاف مع الشكّ لا محالة.