و ابن الجنيد، و تصريح جمع كثير من
فقهائنا بوجود قولين في المسألة.
و ثانياً: فيما يرجع إلى حقوق الناس و إن لم ينقل
صريحاً عن أحد القول بعدم الجواز غير ابن الجنيد، إلّا أنّ ما ورد في كلام ابن
حمزة من تقييد الحكم بالجواز بما إذا كان الحاكم مأموناً، و كذلك ورد ذلك في مبسوط
الشيخ: «و عندنا أنّ الحاكم إذا كان مأموناً قضى بعلمه، و إن لم يكن كذلك لم يحكم
به» ([1]) مشعر بأنّ المسألة لم تكن
إجماعية بيّنة، و إنّما مستندة إلى التعليلات و الاستدلالات الفقهية نفياً و
إثباتاً، حيث استدلّ على عدم الجواز بالتهمة، فأُخذت المأمونية عن ذلك قيداً في
الحاكم الذي قضى بعلمه؛ بل مراجعة كلمات الفقهاء القدامى و استدلالاتهم تدلّ على
استنادهم في القول بالجواز مطلقاً أو بالتفصيل إلى بعض تلك الوجوه و الاستدلالات
ممّا يجعل الإجماع المذكور محتمل المدركية، فلا حجّية فيه.
الوجه الثاني: التمسّك بخطابات الحدود
و الأمر باقامتها على السارق و الزاني و نحوهما. و الظاهر أنّ أوّل
من تمسّك بهذا الوجه هو السيد في الانتصار كما تقدّم، و قد قرّره في الجواهر بنحو
أحسن، فقال: «مضافاً ... إلى تحقّق الحكم المعلّق على عنوان قد فرض العلم بحصوله،
كقوله تعالى: «وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما» «الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي
...» إلى آخرها. و الخطاب للحكّام، فاذا علموا تحقّق الوصف وجب عليهم العمل؛ فإنّ
السارق و الزاني [من] تلبّس بهذا الوصف، لا من أقرّ به أو قامت عليه به البيّنة،
و إذا ثبت ذلك في الحدود ففي غيره بطريق أولى» ([2]).
و لكنّك عرفت أنّ نفس تعليق الحكم في هذه الخطابات على عنوان الجريمة
بوجوده الواقعي دليل على نظرها إلى مقام الثبوت لا الإثبات، أي إلى تشريع