و أمّا التعزيرات فسلطة الحاكم فيها أوسع؛ حيث إنّ له الاختيار في
تحديد مقدار العقوبة كمّاً، أو كمّاً و كيفاً، كما هو المستفاد من ملاحظة مجموعة
من الروايات في موارد مختلفة- و هذا بحث لا ندخل فيه و لا في معنى كونه دون الحدّ-
كذلك له الاختيار و الحق في العفو؛ فإنّ هذا يمكن استفادته من لسان أدلّة بعض
التعزيرات:
من قبيل ما ورد في حكم شهود الزور من أنّهم يجلدون حدّاً ليس له وقت-
أي مقدار- فذلك إلى الإمام، كما في معتبرة سماعة قال: «سألته عن شهود زور، فقال:
يجلدون حدّاً ليس له وقت و ذلك إلى الإمام، و يطاف بهم حتى يعرفهم الناس، و أمّا
قوله تعالى «وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً إِلَّا الَّذِينَ
تابُوا» قال: قلت كيف تعرف توبتهم؟ قال: يكذب نفسه على رءوس الناس حتى يضرب
و يستغفر ربّه، فإذا فعل ذلك فقد ظهرت توبته» ([1])؛
حيث إنّ ظاهر التعبير و السياق أنّ أمر التعزير بيد الإمام، و هو كناية عن أنّه
يملكه، لا أنّ التحديد و التقدير فقط بيده، فهذا تعبير عرفي عن كون العقوبة بيد
الحاكم.
و يمكن استفادة ذلك أيضاً من مثل لسان «سنوجعه ضرباً وجيعاً حتى لا
يؤذي المسلمين» الوارد في رواية الحسين بن أبي العلا ([2])،
أو من مثل لسان «ثمّ الوالي بعدُ يلي أدبهم و حبسهم» ([3])؛
فإنّ هذه الألسنة تتناسب أيضاً مع كون التعزير بيد الإمام و الحاكم، و ليس ملزماً عليه
كما في الحد، فراجع و تأمّل.