و روايتي زيد الشحام ([1])
و أبي بصير ([2]). ففي صحيح معاوية قال «سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن دية العمد فقال: مائة من فحولة الإبل المسان، فإن
لم يكن إبل فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم» ([3]).
و فيه: أنّ هذه الروايات لا تدلّ على تعيّن الإبل في الدية مطلقاً،
كيف! و صريح الروايات الكثيرة عدم تعينه على من ليس من أهل الإبل، بل هذا مقطوع
بعدمه فقهياً حتى في العمد، و إنّما ظاهر هذه الروايات لزوم ملاحظة التغليظ المجعول
في دية العمد و شبهه من حيث مسان الإبل؛ و ذلك إمّا بدفع الإبل المسان، أو تعويض
ذلك من الأصناف الاخرى بما يساويه في القيمة، و لهذا جاء في بعضها «بقيمة ذلك من
البقر»، أو عبَّر «عشرون من فحولة الغنم مكان كل إبل»، أو عبر «ألف كبش» الذي هو
الغنم الكبير الفحل، و في ذيل صحيح ابن سنان الوارد في الدية المغلّظة في شبه
العمد «قيمة كل ناب من الإبل عشرون شاة» ([4])
و الناب من الإبل هو الإبل الكبير الهرم.
و الحاصل: هذه الروايات ناظرة إلى لزوم حفظ قيمة الدية المغلّظة في
قتل العمد إذا اعطيت من غير الإبل في الأصناف الاخرى أما بزيادة عددها أو أسنانها
الموجب لازدياد قيمتها، و هذه حيثية اخرى- قد يأتي البحث عنها- غير مرتبطة بمسألة
التعيين أو التخيير بين الأصناف الستة.
فالصحيح في هذه الجهة ما ذهب إليه المتأخرون من ثبوت التخيير للجاني
بين الأصناف الستة.