دخيلة في أن يرث الكافر من الكافر
مطلقاً- أي حتى مع وجود المسلم ضمن الورثة- و أن لا يمنع الكفار من إرث بعضهم
بعضاً كما هو مقتضى شرعهم و مقتضى القاعدة الأولية في شرعنا أيضاً. و لا جزم بعدم
دخل هذه الخصوصية في هذا الحكم الفقهي.
الثاني: أنّ أدلّة جواز إعطاء الحاكم الشرعي
الأمان أو الذمة للكفار بنفسها تقتضي جواز هذا الحق و ثبوته لهم بعد إعطائهم
الأمان و الذمة؛ لأنّ تلك الأدلّة بمثابة المخصّص أو الحاكم على ما دلّ على سلب
حرمة دم الكافر و ماله و عرضه و سائر شئونه. و مسألة حجب المسلم لإرث الكافر عن
مورثه الكافر من شئون سلب حرمة مال الكافر بحسب مناسبات الحكم و الموضوع المتبادر
عرفاً و متشرعياً من مثل هذا الحكم، فيكون من اختيارات الحاكم الشرعي و صلاحياته
حفظ هذا الحق للكافر، من خلال إعطائه الأمان أو الذمة داخل بلاد الإسلام.
و منه يعرف أنّه لا مجال هنا للتمسك بما دلّ على أنّ شرط اللَّه قبل
شرطكم لإثبات الحجب؛ لأنّه فرع عدم حكومة أدلّة صلاحيات الحاكم الشرعي في إعطاء
الأمان و الذمة على دليل الحجب؛ و إلّا لم يكن شرط اللَّه ذلك في موارد الذمة و
الأمان كما هو واضح.
و الحاصل: المستظهر من أدلّة إعطاء
الذمة و الأمان لأهل الكتاب من الكفار من قِبل ولي الأمر و الحاكم الشرعي، أنّ ذلك
يوجب حقن و حفظ حرمة أموالهم و دمائهم تكليفاً و وضعاً، و أنّ ما كان الكفر سبباً
لزواله من حرمة المال و الدم يرجع محقوناً و محترماً له بعد إعطائه الذمة و
الأمان، و من جملة ذلك حق أولاده في التركة مع وجود شريك مسلم في الورثة.
لا يقال: ثبوت هذا الحق لهم أوّل الكلام؛ إذ مع
فرض حجب المسلم للوارث الكافر لا تكون التركة ملكاً للكافر الذمي لكي يجب حفظها و
حرمتها له.
فإنّه يقال: العرف يفهم من دليل الحجب
أنّه من شئون سلب حرمة مال الكافر