وأيضا من
التقييد بالشرط يعلم عدم انعقاد النذر إذا لم يكن مقيّدا به كما هو مذهب السيّد ،
وهو أيضا محلّ التأمّل لعموم الأدلّة وعدم العلم باعتباره في معناه ، وكون أصله
الخوف ظاهر في العموم وكذا أصل عدم الزيادة ولهذا ذهب أكثر الأصحاب إلى عدمه على
الظاهر ، ولكن يشعر باعتباره صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إذا قال الرجل عليّ المشي إلى بيت الله وهو محرم
بحجّة ، أو علىّ هدي كذا وكذا فليس بشيء حتّى يقول : لله علىّ المشي إلى بيته أو
يقول لله عليّ هدي كذا وكذا إن لم أفعل كذا وكذا ، وأمّا اشتراطه بهذه الصيغة
فيدلّ على عدم انعقاده إذا أتى بلفظ آخر مرادف له ، وهو المشهور ، والمفهوم من بعض
الروايات كالصحيحة المتقدّمة.
ويدلّ أيضا على
عدم انعقاده من غير لفظ كما هو مذهب الأكثر خلافا للشيخ ، فإنّه يكتفي بعقده قلبا
وإن لم يتلفّظ به ودليل مذهب الأكثر عدم العلم بإطلاق النذر عليه ، والأصل والشهرة
وبعض الروايات مثل الصحيحة المتقدّمة. وفي الاستدلال على مذهب الشيخ بمثل (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ
أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ)[١] تأمّل لا يخفى ، وكذا بمثل قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما
فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ)[٢] نعم هما يدلّان على العقاب بأفعال القلب ، ولو بقصد
المعصية ، وذلك غير بعيد ، فانّ قصد القبيح قبيح عقلا وشرعا أيضا إلّا أنّه لا
يعاقب عليه العقاب الّذي يعاقب عليه بفعله في الخارج وبه يجمع بين الأدلّة بل بين
الأقوال.
الثانية
:(يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ
يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً)[٣].
قال في الكشاف
: (يُوفُونَ) جواب من عسى أن يقول : ما لهم يرزقون ذلك؟ والوفاء
بالنذر مبالغة في وصفهم بالتوفّر على أداء الواجبات ، لأنّ من وفى بما أوجبه هو
على نفسه لوجه الله كان بما أوجبه الله عليه أوفى وكذلك ورد الإيفاء في مواضع