إفكا و ضلوا ضلالا بعيدا، و وقعوا في الحيرة إذ تركوا الامام
عن بصيرة، زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَ
كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ، رغبوا عن اختيار الله و اختيار رسول الله الى اختيارهم، و
القرآن يناديهم: «وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» و قال عز و
جل:
«وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً
أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ».
99- في كتاب كمال
الدين و تمام النعمة باسناده الى سعد بن عبد الله القمى عن الحجة القائم عليه
السلام حديث طويل و فيه: قلت: فأخبرنى يا ابن مولاي عن العلة التي تمنع القوم من
اختيار الامام لأنفسهم؟ قال: مصلح أم فسد؟ قلت: مصلح، قال:
فهل يجوز ان تقع
خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ قلت:
بلى. قال: فهي العلة، و أوردها لك ببرهان ينقاد لك عقلك. ثم قال عليه السلام:
أخبرني عن الرسل الذين
اصطفاهم الله عز و جل و انزل عليهم الكتب و أيدهم بالوحي و العصمة إذ هم أعلام
الأمم أهدى الى الاختيار منهم مثل موسى و عيسى عليهم السلام هل يجوز مع وفور
عقلهما إذ هما بالاختيار ان تقع خيرتهما على المنافق و هما يظنان انه مؤمن؟ قلت:
لا قال: هذا موسى كليم الله مع وفور عقله و كما علمه و نزول الوحي عليه اختار من
أعيان قومه و وجوه عسكره لميقات ربه عز و جل سبعين رجلا ممن لا يشك في ايمانهم و
إخلاصهم، فوقع خيرته على المنافقين قال الله عز و جل: «وَ اخْتارَ مُوسى
قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا» الى قوله: «لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ
حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ» فلما وجدنا
اختيار من قد اصطفاه الله عز و جل للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح و هو يظن
انه الأصلح دون الأفسد، علمنا ان الاختيار لا يجوز أن يفعل الا ممن يعلم ما تخفي
الصدور، و تكن الضمائر، و تنصرف اليه السرائر، و ان لا خطر لاختيار المهاجرين و
الأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح.
100- في مصباح
الشريعة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل: و تعلم ان نواصي
الخلق بيده فليس لهم نفس و لا لحظة الا بقدرته و مشيته. و هم عاجزون عن إتيان