- رجع تنوخا الى القرية. فلقي روبيل فقال له يا تنوخا: اى
الرأيين كان أصوب و أحق؟ أ رأيي أو رأيك؟ فقال له تنوخا: بل رأيك كان أصوب و لقد
كنت أشرت برأى العلماء و الحكماء، و قال له تنوخا: اما انى لم أزل ارى انى أفضل
منك لزهدي و فضل عبادتي حتى استبان فضلك لفضل علمك، و ما أعطاك الله ربك من الحكمة
مع التقوى أفضل من الزهد و العبادة بلا علم، فاصطحبا فلم يزالا مقيمين مع قومهما و
مضى يونس على وجهه مغاضبا لربه، فكان من قصته ما أخبر الله في كتابه الى قوله: «فَآمَنُوا
فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ».
قال ابو عبيدة: قلت
لأبي جعفر عليه السلام كم كان غاب يونس عن قومه حتى رجع إليهم بالنبوة و الرسالة
فآمنوا به و صدقوه؟ قال: اربعة أسابيع سبعا منها في ذهابه الى البحر، و سبعا في
بطن الحوت، و سبعا تحت الشجرة بالعراء و سبعا منها في رجوعه الى قومه فقلت له: و
ما هذه الأسابيع شهورا و أيام أو ساعات فقال: يا با عبيدة ان العذاب أتاهم يوم
الأربعاء في النصف من شوال، و صرف عنهم من يومهم ذلك، فانطلق يونس مغاضبا فمضى يوم
الخميس سبعة أيام في مسيره الى البحر، و سبعة أيام في بطن الحوت، و سبعة أيام تحت
الشجرة بالعراء و سبعة أيام في رجوعه الى قومه، فكان ذهابه و رجوعه ثمانية و عشرين
يوما، ثم أتاهم فآمنوا به و صدقوه و اتبعوه فلذلك قال: فَلَوْ لا كانَتْ
قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا
كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَتَّعْناهُمْ.
133- عن أبى بصير
عن أبى عبد الله عليه السلام قال: لما أظل قوم يونس العذاب دعوا الله فصرفه
عنهم، قلت: كيف ذلك؟ قال: كان في العلم انه يصرف عنهم.
134- عن الثمالي
عن أبى جعفر عليه السلام قال: ان يونس لما آذاه قومه دعا الله عليهم فأصبحوا
أول يوم صفر، و أصبحوا اليوم الثاني و وجوههم سود، قال: و كان الله أوعدهم أن
يأتيهم العذاب حتى نالوه برماحهم، ففرقوا بين النساء و أولادهن، و البقر و
أولادها، و لبسوا المسوح[1] و الصوف و
وضعوا الحبال في أعناقهم، و الرماد