- المعنى محدثين، و هذا خلاف ما بدأتم تقولونه، فقالت
النصارى: يا محمد ان الله لما أظهر على يد عيسى من الأشياء العجيبة ما أظهر فقد
اتخذه ولدا على جهة الكرامة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و آله: فقد سمعتم
ما قلته لليهود في هذا المعنى الذي ذكرتموه، ثم أعاد صلى الله عليه و آله ذلك كله
فسكتوا الا رجلا واحدا منهم قال له: يا محمد أ و لستم تقولون: ان إبراهيم خليل
الله؟ قال: قد قلنا ذلك، فقال: إذا قلتم ذلك فلم منعتمونا ان نقول: ان عيسى ابن
الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: انهما لن يشتبها[1] لان قولنا ان إبراهيم
خليل الله فانما هو مشتق من الخلة[2] و الخلة
انما معناها الفقر و الفاقة و قد كان خليلا الى ربه فقيرا، و اليه منقطعا و عن
غيره متعففا معرضا مستغنيا، و ذلك لما أريد قذفه في النار فرمى به في المنجنيق
فبعث الله تعالى جبرئيل عليه السلام فقال له: أدرك عبدي، فجائه فلقيه في الهواء
فقال: كلمني ما بدا لك فقد بعثني الله لنصرتك، فقال: بل حسبي الله و نعم الوكيل
انى لا أسئل غيره و لا حاجة لي الا اليه فسمى خليله اى فقيره و محتاجه و المنقطع
اليه عمن سواه، و إذا جعل معنى ذلك من الخلة[3]
و هو انه قد تخلل معانيه و وقف على أسرار لم يقف عليها غيره، كان [الخليل] معناه
العالم به و بأموره و لا يوجب ذلك تشبيه الله بخلقه.
ا لا ترون انه إذا لم
ينقطع اليه لم يكن خليله، و إذا لم يعلم بأسراره لم يكن خليله، و ان من يلده الرجل
و ان أهانه و أقصاه[4] لم يخرج
عن أن يكون ولده، لان معنى الولادة قائم، ثم ان وجب لأنه قال لإبراهيم خليلي[5] أن تقيسوا
أنتم كذلك فتقولوا: ان عيسى ابنه وجب أيضا أن تقولوا له و لموسى ابنه، [فان الذي
معه من المعجزات لم يكن