شديدا و مضى الى الشام، فلما وافي النقرة[1] اكترى ضمضم بن عمر و
الخزاعي بعشرة دنانير و أعطاه قلوصا[2] و قال له:
امض الى قريش و أخبرهم ان محمدا و الصباة[3]
من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعير كم فأدركوا العير و أوصاه أن يخرم ناقته[4] و يقطع
أذنها حتى يسيل الدم و يشق ثوبه[5] من قبل و
دبر، فاذا دخل مكة ولى وجهه الى ذنب البعير و صاح بأعلى صوته: يا آل غالب يا آل
غالب! اللطيمة اللطيمة! العير العير! أدركوا أدركوا و ما أريكم تدركون! فان محمدا
و الصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم، فخرج ضمضم يبادر الى مكة.
و رأت عاتكة بنت عبد
المطلب قبل قدوم ضمضم في منامها بثلثة أيام كأن راكبا قد دخل مكة فينادى يا آل غدر
و يا آل فهر اغدوا الى مصارعكم صبح ثالثة، ثم وافي بجمله الى أبى قبيس فأخذ حجرا
فدهدهه[6] من الجبل،
فما ترك دارا من قريش الا أصابه منه فلذة، و كأن وادي مكة قد سال من أسفله دما
فانتبهت ذعرة فأخبرت العباس بذلك فأخبر العباس عتبة بن ربيعة، فقال عتبة: هذه
مصيبة تحدث في قريش و فشت الرؤيا في قريش و بلغ ذلك أبا جهل فقال: ما رأت عاتكة
هذه الرؤيا، و هذه نبية ثانية في بنى عبد المطلب و اللات و العزى لننظرن ثلثة أيام
فان كان ما رأت حقا فهو كما رأت، و ان كان غير ذلك لنكتبن بيننا كتابا: انه ما من
أهل بيت من العرب أكذب رجالا و نساء من بنى هاشم، فلما مضى يوم قال أبو جهل: هذا
يوم قد مضى، فلما كان
[1] النقرة- بفتح النون و سكون القاف أو كسرها:
موضع في طريق مكة كما قاله الحموي و في المصدر« البهرة» بدل« النقرة» قال
الفيروزآبادي: البهرة- بالضم-: