responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 9  صفحه : 196

مقدماتها ويبني حياته على التعليم والتربية ، وعلى تقديم الأسباب طمعا في مسبباتها سواء اعترف بالصانع أو لم يعترف ، ولا يتم له شيء من ذلك إلا عن إذعان فطري بأصل العلية والمعلولية ، ولو أجازت الفطرة الإنسانية بطلان ذلك وجريان الحوادث على مجرد الاتفاق اختل نظام حياته ببطلان سعيه الفكري والعملي ، وانسد طريق إثبات سبب ما فوق طبيعة الحوادث.

على أن الكتاب العزيز يجري في بياناته على تصديق أصل العلية والمعلولية ، وينسب كل حسنة إليه تعالى وينفي استناد السيئات والمعاصي إليه ويسميه بكل اسم أحسن ويصفه بكل وصف جميل ، وينفي عنه كل هزل وعبث ولغو ولهو وجزاف ، ولا يتم شيء من ذلك إلا على أصل العلية والمعلولية ، وقد تقدم في الأبحاث السابقة ما يتبين به ذلك كله.

وقد ذهب طائفة من الماديين وخاصة أصحاب المادية المتحولة إلى عين ما ذهب إليه الأشاعرة من ثبوت الجبر ونفي الاختيار عن الأفعال الإنسانية ، وإنما الفارق بين قولي الطائفتين هو أن الأشاعرة بنوا ذلك على سببية الواجب تعالى المنحصرة واستنتجوا من ذلك بطلان السببية الاختيارية وانتفاءها عن الإنسان ، والماديون بنوه على معلولية الأفعال الإنسانية لمجموع الحوادث المحتفة بالفعل التي هي علة حدوثه ، ولا معنى للعلية إلا بالإيجاب ، فالإنسان موجب في فعله مجبر عليه.

وقد فات منهم أن الذي نسبة المعلول إليه بالإيجاب إنما هو العلة التامة ، وهي مجموع الحوادث المتقدمة على المعلول التي لا يتوقف هو في وجوده على شيء وراءها ، وبوجودها جميعا لا يبقى له إلا أن يوجد ، وأما بعض أجزاء العلة التامة فإنما نسبة المعلول إليه بالإمكان لا بالوجوب لتوقف وجوده على أشياء أخر وراءه فلا يتحقق بوجود الجزء المفروض جميع ما يتوقف عليه وجوده حتى يعود واجبا وجوده.

والأفعال الإنسانية يتوقف في وجودها على الإنسان وإرادته وعلى أمور غير محصورة أخرى من المادة والشرائط الزمانية والمكانية فهي إذا نسب إليها جميعا كانت النسبة الحاصلة نسبة الوجوب والضرورة ، وأما إذا نسبت إلى الإنسان وحده أو إلى الإنسان المريد فقد نسبت إلى جزء العلة التامة وعادت النسبة إلى الإمكان دون الوجوب ، فالأفعال الإرادية الإنسانية اختيارية أي أنه يمكنه أن يفعل وأن لا يفعل فإن فعل

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 9  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست