responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 346

وعلى هذا فإسناد الهداية إلى هذه الأمة لا يخلو عن الدلالة على مصونيتهم من الضلال واعتصامهم بالله من الزيغ إما بكون جميع هؤلاء المشار إليهم بقوله : « أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِ » متصفين بهذه العصمة والصيانة كالأنبياء والأوصياء ، وإما بكون بعض هذه الأمة كذلك وتوصيف الكل بوصف البعض نظير قوله تعالى : « وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ » : الجاثية : ١٦ ، وقوله : « وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً » : المائدة : ٢٠ ، وقوله : « لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ » : البقرة : ١٤٣ ، وإنما المتصف بهذه المزايا بعضهم دون الجميع.

والمراد بالآية ـ والله أعلم ـ أنا لا نأمركم بأمر غير واقع أو خارج عن طوق البشر فإن ممن خلقنا أمة متلبسة بالاهتداء الحقيقي هادين بالحق لأن الله كرمهم بهدايته الخاصة.

قوله تعالى : « وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ » الاستدراج الاستصعاد أو الاستنزال درجة فدرجة ، والاستدناء من أمر أو مكان ، وقرينة المقام تدل على أن المراد به هنا الاستدناء من الهلاك إما في الدنيا أو في الآخرة.

وتقييد الاستدراج بكونه من حيث لا يعلمون للدلالة على أن هذا التقريب خفي غير ظاهر عليهم بل مستبطن فيما يتلهون فيه من مظاهر الحياة المادية فلا يزالون يقتربون من الهلاك باشتداد مظالمهم فهو تجديد نعمة بعد نعمة حتى يصرفهم التلذذ بها عن التأمل في وبال أمرهم كما مر في قوله تعالى : « ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا » : الأعراف : ٩٥ ، وقال تعالى : « لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ » : آل عمران : ١٩٧.

ومن وجه آخر لما انقطع هؤلاء عن ذكر ربهم وكذبوا بآياته سلبوا اطمئنان القلوب وأمنها بالتشبث بذيل الأسباب التي من دون الله ، وعذبوا باضطراب النفوس وقلق القلوب وقصور الأسباب وتراكم النوائب ، وهم يظنون أنها الحياة ناسين معنى حقيقة الحياة السعيدة فلا يزالون يستزيدون من مهلكات زخارف الدنيا فيزدادون عذابا وهم يحسبونه زيادة في النعمة حتى يردوا عذاب الآخرة وهو أمر وأدهى ، فهم يستدرجون في العذاب من لدن تكذيبهم بآيات ربهم حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 346
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست