نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 8 صفحه : 345
الأنسب أن يقال : بما كانوا يصفون كما قال في موضع آخر : « سَيَجْزِيهِمْ
وَصْفَهُمْ » : الأنعام : ١٣٩.
فمعنى الآية ـ والله
أعلم ـ ولله جميع الأسماء التي هي أحسن فاعبدوه وتوجهوا إليه بها ، والتسمية
والنداء من لواحق العبادة.
قوله
تعالى : « وَذَرُوا الَّذِينَ
يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ » إلى آخر الآية. اللحد والإلحاد بمعنى واحد وهو التطرف والميل عن الوسط إلى أحد
الجانبين ، ومنه لحد القبر لكونه في جانبه بخلاف الضريح الذي في الوسط فقراءة
يلحدون بفتح الياء من المجرد ، ويلحدون بضم الياء من باب الإفعال بمعنى واحد ،
ونقل عن بعض اللغويين : أن اللحد بمعنى الميل إلى جانب ، والإلحاد بمعنى الجدال
والمماراة.
وقوله : « سَيُجْزَوْنَ » الآية بالفصل لأنه بمنزلة الجواب لسؤال مقدر كأنه لما
قيل : « وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي
أَسْمائِهِ » قيل : إلى م يصير حالهم؟ فأجيب : « سَيُجْزَوْنَ ما
كانُوا يَعْمَلُونَ » وللبحث في الأسماء الحسنى بقايا ستوافيك في كلام مستقل
نورده بعد الفراغ عن تفسير الآيات إن شاء الله تعالى.
قوله
تعالى : « وَمِمَّنْ خَلَقْنا
أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ » قد مر بعض ما يتعلق به من الكلام في قوله تعالى : « وَمِنْ قَوْمِ مُوسى
أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ » : الآية ١٥٩ من السورة وتختص هذه الآية بأنها لوقوعها
في سياق تقسيم الناس إلى ضال ومهتد ، وبيان أن الملاك في ذلك دعاؤه سبحانه بأحسن
الأسماء اللائقة بحضرته والإلحاد في أسمائه ، تدل على أن النوع الإنساني يتضمن
طائفة قليلة أو كثيرة مهتدية حقيقة إذ الكلام في الاهتداء والضلال الحقيقيين
المستندين إلى صنع الله ، ومن يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون
، والاهتداء الحقيقي لا يكون إلا عن هداية حقيقية ، وهي التي لله سبحانه ، وقد
تقدم في قوله تعالى : « فَإِنْ يَكْفُرْ بِها
هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ » : الأنعام : ٨٩ ، وغيره أن الهداية الحقيقية الإلهية لا
تتخلف عن مقتضاها بوجه وتوجب العصمة من الضلال ، كما أن الترديد الواقع في قوله
تعالى : « أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ
يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى » : يونس : ٣٥. يدل على أن من يهدي إلى الحق يجب أن لا
يكون مهتديا بغيره إلا بالله فافهم ذلك.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 8 صفحه : 345