responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 199

منه؟ فافهم ذلك.

فهذه حقيقة برهانية والقرآن الكريم يصدقها وينص عليها فالله سبحانه هو الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا ، وهداه إلى ما يسعده ، ولم يخلق العالم سدى ، ولا شيئا من أجزائه ومنها الإنسان لعبا ، بل إنما خلق ما خلق ليتقرب منه ويرجع إليه ، وهيأ له منزلة سعادة يندفع إليها بحسب فطرته بإذن الله سبحانه ، وجعل له سبيلا ينتهي إلى سعادته فإذا سلك سبيله الفطري فهو ، وإلا فإن انحرف عنه انحرافا لا مطمع في رجوعه إلى سوي الصراط فقد بطلت فيه الغاية ، وحقت عليه كلمة العذاب.

قوله تعالى : « وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍ »إلى آخر الآية. قيل : البأساء في المال كالفقر ، والضراء في النفس كالمرض ، وقيل : يعني بالبأساء ما نالهم من الشدة في أنفسهم وبالضراء ما نالهم في أموالهم ، وقيل : غير ذلك. وقيل : إن البأس والبأساء يكثر استعمالهما في الشدة التي هي بالنكاية والتنكيل كما في قوله تعالى : « وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً ».

ولعل قوله بعد : « الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ »حيث أريد بهما ما يسوء الإنسان وما يسره يكون قرينة على إرادة مطلق ما يسوء الإنسان من الشدائد من الضراء ، ويكون قوله : « بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ »من ذكر العام بعد الخاص.

يذكر سبحانه أن السنة الإلهية جرت على أنه كلما أرسل نبيا من الأنبياء إلى قرية من القرى ـ وما يرسلهم إليهم إلا ليهديهم سبيل الرشاد ـ ابتلاهم بشيء من الشدائد في النفوس والأموال رجاء أن يبعثهم ذلك إلى التضرع إليه سبحانه ليتم بذلك أمر دعوتهم إلى الإيمان بالله والعمل الصالح.

فالابتلاءات والمحن نعم العون لدعوة الأنبياء فإن الإنسان ما دام على النعمة شغله ذلك عن التوجه إلى من أنعمها عليه واستغنى بها ، وإذا سلب النعمة أحس بالحاجة ، ونزلت عليه الذلة والمسكنة ، وعلاه الجزع ، وهدده الفناء فيبعثه ذلك بحسب الفطرة إلى الالتجاء والتضرع إلى من بيده سد خلته ودفع ذلته ، وهو الله سبحانه وإن كان لا يشعر به وإذا نبه عليه كان من المرجو اهتداؤه إلى الحق ، قال تعالى : « وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ »: حم السجدة : ٥١.

قوله تعالى : « ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا »إلى آخر الآية. تبديل الشيء

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 199
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست