responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 198

المادية والقوى الفعالة في الطبيعة بل هو الذي أحاط بكل شيء ، وخلق كل سبب فساقه وقاده إلى مسببه وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى ولا يحيط بخلقه ومسببه غيره فله أن يتسبب إلى كل شيء بما أراده من الأسباب المجهولة عندنا الغائبة عن علومنا.

وإلى ذلك يشير نحو قوله تعالى : « إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً »: الطلاق : ٣ ، وقوله : « وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ »: يوسف : ٢١ ، وقوله : « وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ »: الشورى : ٣١ ، إلى غير ذلك من الآيات.

وكيف يسع للإنسان أن يحارب الله في ملكه ، ويتخذ بفكره وسائل لإبطال حكمه وإرادته ، وليس هو سبحانه في عرضها بل هو في طولها أي هو الذي خلق الإنسان وخلق منه هذه الإرادة ثم الفكر ثم الوسائل المتخذة ، ووضع كلا في موضعه ، وربط بعضها ببعض من بدئها إلى ختمها حتى أنهاها إلى الغاية الأخيرة التي يريد الإنسان بجهالته أن يحارب بالتوسل إليها ربه في قضائه وقدره ، ويناقضه في حكمه ، وهو أحد الأيادي العمالة لما يريده ويحكم به وبعض الأسباب المجرية لما يقدره ويقضي به.

وإلى هذا الموقف الفضيح الإنساني يشير تعالى بعد ذكر أخذه الإنسان بالبأساء والضراء بقوله : « ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ »على ما سيجيء إن شاء الله تعالى من تقرير معنى الآية عن قريب.

فهذه حقيقة برهانية تقرر أن الإنسان كغيره من الأنواع الكونية مرتبط الوجود بسائر أجزاء الكون المحيطة به ، ولأعماله في مسير حياته وسلوكه إلى منزل السعادة ارتباط بغيره فإن صلحت للكون صلحت أجزاء الكون له وفتحت له بركات السماء ، وإن فسدت أفسدت الكون وقابله الكون بالفساد فإن رجع إلى الصلاح فيها ، وإلا جرى على فساده حتى إذا تعرق فيه انتهض عليه الكون وأهلكه بهدم بنيانه وإعفاء أثره ، وطهر الأرض من رجسه.

وكيف يمكن للإنسان وأنى يسعه أن يعارض الكون بعمله وهو أحد أجزائه التي لا تستقل دونه البتة؟ أو يماكره بفكره وإنما يفكر بترتيب القوانين الكلية المأخوذة

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 8  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست