responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 7  صفحه : 81

وذلك لما نشاهده في كثير من الحيوانات وخاصة الحيوانات الأهلية من آثار التردد في بعض الموارد المقرونة بالموانع من الفعل وكذا الكف عن الفعل بزجر أو إخافة أو تربية ، فجميع ذلك يدل على أن في نفوسها صلاحية الحكم بلزوم الفعل والترك ، وهو الملاك في أصل الاختيار وإن كان التروي ضعيفا فيها جدا غير بالغ حد ما نجده في الإنسان المتوسط.

وإذا صح أن الحيوان غير الإنسان لا يخلو عن معنى الاختيار في الجملة وإن كان ضعيفا فمن الجائز أن يجعل الله سبحانه المتوسط من مراتب الاختيار الموجودة فيها ملاكا لتكاليف مناسبة لها خاصة بها لا نحيط بها ، أو يعاملها بما لها من موهبة الاختيار بنحو آخر لا معرفة لنا به إلا أنه فيها بنحو يصحح الإنعام عليها عند الموافقة ، ومؤاخذتها والانتقام منها عند المخالفة بما الله سبحانه أعلم به.

وقوله تعالى : « ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ » جملة معترضة ، وظاهرها أن المفرط فيه هو الكتاب ، ولفظ « مِنْ شَيْءٍ » بيان للفرط الذي يقع التفريط به ، والمعنى لا يوجد شيء تجب رعاية حاله والقيام بواجب حقه وبيان نعته في الكتاب إلا وقد فعل من غير تفريط ، فالكتاب تام كامل.

والمراد بالكتاب إن كان هو اللوح المحفوظ الذي يسميه الله سبحانه في موارد من كلامه كتابا مكتوبا فيه كل شيء مما كان وما يكون وما هو كائن ، كان المعنى أن هذه النظامات الأممية المماثلة لنظام الإنسانية كان من الواجب في عناية الله سبحانه أن يبني عليها خلقة الأنواع الحيوانية فلا يعود خلقها عبثا ولا يذهب وجودها سدى ، ولا تكون هذه الأنواع بمقدار ما لها من لياقة القبول ممنوعة من موهبة الكمال.

فالآية على هذا تفيد بنحو الخصوص ما يفيده بنحو العموم ، قوله تعالى : « وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً » : ( الإسراء : ٢٠ ) وقوله : « ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » : ( هود : ٥٦ ).

وإن كان هو القرآن الكريم وقد سماه الله كتابا في مواضع من كلامه ، كان المعنى أن القرآن المجيد لما كان كتاب هداية يهدي إلى صراط مستقيم على أساس بيان حقائق المعارف التي لا غنى عن بيانها في الإرشاد إلى صريح الحق ومحض الحقيقة لم يفرط فيه في

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 7  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست