responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 7  صفحه : 228

بعض طرقه من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات كلها في ذات الله » وكذا قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما منها كذبة إلا ماحل [١] بها عن دين الله » فما بال إبراهيم في حديث القيامة يعدها ذنوبا لنفسه ومانعة عن القيام بأمر الشفاعة ويعتذر بها عنها؟ فإنها على هذا التقدير كانت من محنة في ذات الله وحسناته في الدين لو جاز لنبي من الأنبياء أن يكذب لمصلحة الدين لكنك قد عرفت في ما تقدم من مباحث النبوة في الجزء الثاني من هذا الكتاب أن ذلك مما لا يجوز على الأنبياء عليهم‌السلام قطعا لاستيجابه سلب الوثوق عن إخباراتهم وأحاديثهم من أصلها.

على أن هذا النوع من الإخبار لو جاز عده كذبا ومنعه عن الشفاعة عند الله سبحانه كان قوله عليه‌السلام لما رأى كوكبا والقمر والشمس : هذا ربي وهذا ربي أولى بأن يعد كذبا مانعا عن الشفاعة المنبئة عن القرب من الله تعالى.

على أن قوله عليه‌السلام على ما حكاه الله تعالى بقوله : « فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ » لا يظهر بشيء من قرائن الكلام كونه كذبا غير مطابق للواقع فلعله عليه‌السلام كان سقيما بنوع من السقم لا يحجزه عما هم به من كسر الأصنام.

وكذا قوله عليه‌السلام للقوم إذ سألوه عن أمر الأصنام المكسورة بقولهم : « أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ » فأجابهم وهم يعلمون أن أصنامهم من الجماد الذي لا شعور فيه ولا إرادة له : « بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا » ثم أردفه بقوله : « فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ » لا سبيل إلى عده كذبا فإنه كلام موضوع مكان التبكيت مسوق لإلزام الخصم على الاعتراف ببطلان مذهبه ، ولذا لم يجد القوم بدا دون أن اعترفوا بذلك فقالوا : « لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ » : ( الأنبياء : ٦٧ ).

ولو كان المراد أن الأقاويل الثلاث كذبات حقيقية كان ذلك من المخالفة الصريحة لكتاب الله تعالى ، ونحيل ذلك إلى فهم الباحث الناقد فليراجع ما تقدم في الفصل ٢ من الكلام في منزلة إبراهيم عليه‌السلام عند الله تعالى وموقفه العبودي مما أثنى الله عليه بأجمل الثناء وحمد مقامه أبلغ الحمد.


[١] أي جادل.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 7  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست