نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 317
على أن الجميع
مؤلف من آحاد كل واحد منها يعدل الجميع المؤلف من الآحاد كذلك ، ويذهب إلى ما لا
نهاية له ، ولا معنى للجميع بهذا المعنى ، إذ لا فرد واحد له فلا جميع من غير
آحاد.
على أن الله
تعالى يقول : « مَنْ جاءَ
بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها » : ( الأنعام : ١٦٠ ) وثانيا : بأن كون قتل الواحد يعدل
قتل الجميع إن أريد به قتل الجميع الذي يشتمل على هذا الواحد كان لازمه مساواة
الواحد مجموع نفسه وغيره وهو محال بالبداهة ، وإن أريد به قتل الجميع باستثناء هذا
الواحد كان معناه من قتل نفسا فكأنما قتل غيرها من النفوس ، وهو معنى رديء مفسد
للغرض من الكلام وهو بيان غاية أهمية هذا الظلم.
على أن إطلاق
قوله : «
فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً » من غير استثناء يدفع هذا الاحتمال.
ولا يندفع هذا
الإشكال بمثل قولهم : إن المراد هو المعادلة من حيث العقوبة أو مضاعفة العذاب ونحو
ذلك وهو ظاهر.
والجواب عن
الإشكالين : أن قوله : «
مَنْ قَتَلَ نَفْساً ـ إلى قوله ـ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً » كناية عن كون الناس جميعا ذوي حقيقة واحدة إنسانية
متحدة فيها ، الواحد منهم والجميع فيها سواء ، فمن قصد الإنسانية التي في الواحد
منهم فقد قصد الإنسانية التي في الجميع كالماء إذا وزع بين أواني كثيرة فمن شرب من
أحد الآنية فقد شرب الماء ، وقد قصد الماء من حيث إنه ماء ـ وما في جميع الآنية لا
يزيد على الماء من حيث إنه ماء ـ فكأنه شرب الجميع ، فجملة : « مَنْ قَتَلَ » ، إلخ » كناية في صورة التشبيه ، والإشكالان مندفعان ،
فإن بناءهما على كون التشبيه بسيطا يزيد فيه وجه الشبه على حسب زيادة المشبه عددا
إذ لو سوي حينئذ بين الواحد والجميع فسد المعنى وعرض الإشكال كما لو قيل : الواحد
من القوم كالواحد من الأسد والواحد منهم كالجميع في البطش والبسالة.
وأما قوله
تعالى : « وَمَنْ
أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً » فالكلام فيه كالكلام في الجملة السابقة ، والمراد
بالإحياء ما يعد في عرف العقلاء إحياء كإنقاذ الغريق وإطلاق الأسير ، وقد عد الله
تعالى في كلامه الهداية إلى الحق إحياء قال تعالى : « أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ
وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ » : ( الأنعام : ١٢٢ ) فمن دل نفسا إلى الإيمان فقد
أحياها.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 317