نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 316
إسرائيل ما ذكره الله سبحانه قبل هذه الآيات من الحسد والكبر واتباع الهوى
وإدحاض الحق وقد قص قصصهم بين الله لهم حقيقة هذا الظلم الفجيع ومنزلته بحسب الدقة
، وأخبرهم بأن قتل الواحد عنده بمنزلة قتل الجميع ، وبالمقابلة إحياء نفس واحدة
عنده بمنزلة إحياء الجميع.
وهذه الكتابة
وإن لم تشتمل على حكم تكليفي لكنها مع ذلك لا تخلو عن تشديد بحسب المنزلة
والاعتبار ، وله تأثير في إثارة الغضب والسخط الإلهي في دنيا أو آخرة.
وبعبارة مختصرة
: معنى الجملة أنه لما كان من طباع الإنسان أن يندفع بأي سبب واه إلى ارتكاب هذا
الظلم العظيم ، وكان من أمر بني إسرائيل ما كان ، بينا لهم منزلة قتل النفس لعلهم
يكفون عن الإسراف ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إنهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون.
وأما قوله : « أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ
نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ
جَمِيعاً » استثنى
سبحانه قتل النفس بالنفس وهو القود والقصاص وهو قوله تعالى : « كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى » : ( البقرة : ١٧٨ ) وقتل النفس بالفساد في الأرض ، وذلك قوله في الآية
التالية : « إِنَّما
جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ
فَساداً » (الآية).
وأما المنزلة
التي يدل عليها قوله : «
فَكَأَنَّما » (إلخ) فقد تقدم بيانه أن الفرد من الإنسان من حيث حقيقته المحمولة له
التي تحيا وتموت إنما يحمل الإنسانية التي هي حقيقة واحدة في جميع الأفراد والبعض
والكل ، والفرد الواحد والأفراد الكثيرون فيه واحد ، ولازم هذا المعنى أن يكون قتل
النفس الواحدة بمنزلة قتل نوع الإنسان وبالعكس إحياء النفس الواحدة بمنزلة إحياء
الناس جميعا ، وهو الذي تفيده الآية الشريفة.
وربما أشكل على
الآية أولا : بأن هذا التنزيل يفضي إلى نقض الغرض فإن الغرض بيان أهمية قتل النفس
وعظمته من حيث الإثم والأثر ، ولازمه أن تزيد الأهمية كلما زاد عدد القتل ، وتنزيل
الواحد منزلة الجميع يوجب أن لا يقع بإزاء الزائد على الواحد شيء فإن من قتل عشرا
كان الواحدة من هذه المقاتل تعد قتل الجميع ، وتبقى الباقي وليس بإزائه شيء.
ولا يندفع
الإشكال بأن يقال : إن قتل العشرة يعدل عشرة أضعاف قتل الجميع وإن قتل الجميع يعدل
قتل الجميع بعدد الجميع لأن مرجعه إلى المضاعفة في عدد العقاب ، واللفظ لا يفي
ببيان ذلك.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 316