نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 248
والتصريح بقوله : «
وَما بَيْنَهُما » مع أن القرآن كثيرا ما يعبر عن عالم الخلقة بالسماوات والأرض فقط إنما هو
ليكون الكلام أقرب من التصريح ، وأسلم من ورود التوهمات والشبهات فليس لمتوهم أن
يتوهم أنه إنما ذكر السماوات والأرض ولم يذكر ما بينهما ، ومورد الكلام مما
بينهما.
وتقديم الخبر
أعني قوله : « وَلِلَّهِ
» للدلالة على
الحصر ، وبذلك يتم البيان ، والمعنى : كيف يمكن أن يمنع مانع من إرادته تعالى
إهلاك المسيح وغيره ووقوع ما أراده من ذلك ، والملك والسلطنة المطلقة في السماوات
والأرض وما بينهما لله تعالى لا ملك لأحد سواه؟ فلا مانع من نفوذ حكمه ومضي أمره.
وقوله : « يَخْلُقُ ما يَشاءُ
وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » في مقام التعليل للجملة السابقة عليه أعني قوله : « وَلِلَّهِ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما » فإن الملك ـ بضم الميم ـ وهو نوع سلطنة ومالكية على سلطنة الناس وما يملكونه إنما
يتقوم بشمول القدرة ونفوذ المشيئة ، ولله سبحانه ذلك في جميع السماوات والأرض وما
بينهما ، فله القدرة على كل شيء وهو يخلق ما يشاء من الأشياء فله الملك المطلق في
السماوات والأرض وما بينهما فخلقه ما يشاء وقدرته على كل شيء هو البرهان على ملكه كما
أن ملكه هو البرهان على أن له أن يريد إهلاك الجميع ثم يمضي إرادته لو أراد ، وهو
البرهان على أنه لا يشاركه أحد منهم في ألوهيته.
وأما البرهان
على نفوذ مشيته وشمول قدرته فهو أنه الله عز اسمه ، ولعله لذلك كرر لفظ الجلالة في
الآية مرات فقد آل فرض الألوهية في شيء إلى أنه لا شريك له في ألوهيته.
قوله تعالى : «وَقالَتِ الْيَهُودُ
وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ » لا ريب أنهم لم يكونوا يدعون النبوة الحقيقية كما
يدعيه معظم النصارى للمسيح عليهالسلام فلا اليهود كانت تدعي ذلك حقيقة ولا النصارى ، وإنما
كانوا يطلقونها على أنفسهم إطلاقا تشريفيا بنوع من التجوز ، وقد ورد في كتبهم
المقدسة هذا الإطلاق كثيرا كما في حق آدم [١] ويعقوب [٢] وداود [٣]