نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 247
بالمسيح فهو إله وبشر بعينه ، ويمكن تطبيق الجملة أعني قولهم : « إِنَّ اللهَ هُوَ
الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ » على القول بالبنوة وعلى القول بثالث ثلاثة أيضا غير أن ظاهر الجملة هو
حصول العينية بالاتحاد.
قوله تعالى : « قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ
مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ »
وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً » (الآية) هذا برهان على إبطال قولهم : من جهة مناقضة
بعضه بعضا لأنهم لما وضعوا أن المسيح مع كونه إلها بشر كما وصفوه بأنه ابن مريم جوزوا
له ما يجوز على أي بشر مفروض من سكان هذه الأرض ، وهم جميعا كسائر أجزاء السماوات
والأرض وما بينهما مملوكون لله تعالى مسخرون تحت ملكه وسلطانه ، فله تعالى أن
يتصرف فيهم بما أراد ، وأن يحكم لهم أو عليهم كيفما شاء ، فله أن يهلك المسيح كما
له أن يهلك أمه ومن في الأرض على حد سواء من غير مزية للمسيح على غيره ، وكيف يجوز
الهلاك على الله سبحانه؟! فوضعهم أن المسيح بشر يبطل وضعهم أنه هو الله سبحانه
للمناقضة.
فقوله : « فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ
اللهِ شَيْئاً » كناية عن نفي المانع مطلقا فملك شيء من الله هو السلطنة عليه تعالى في
بعض ما يرجع إليه ، ولازمها انقطاع سلطنته عن ذلك الشيء ، وهو أن يكون سبب من
الأسباب يستقل في التأثير في شيء بحيث يمانع تأثيره تعالى أو يغلب عليه فيه ، ولا
ملك إلا لله وحده لا شريك له إلا ما ملك غيره تمليكا لا يبطل ملكه وسلطانه.
وقوله : « إِنْ أَرادَ أَنْ
يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً » إنما قيد المسيح بقوله : « ابْنُ مَرْيَمَ » للدلالة على كونه بشرا تاما واقعا تحت التأثير الربوبي
كسائر البشر ، ولذلك بعينه عطف عليه « أُمَّهُ » لكونها مسانخة له من دون ريب ، وعطف عليه « مَنْ فِي الْأَرْضِ
جَمِيعاً » لكون الحكم
في الجميع على حد سواء.
ومن هنا يظهر
أن في هذا التقييد والعطف تلويحا إلى برهان الإمكان ، ومحصله أن المسيح يماثل غيره
من أفراد البشر كأمه وسائر من في الأرض فيجوز عليه ما يجوز عليهم لأن حكم الأمثال
فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد ، ويجوز على غيره أن يقع تحت حكم الهلاك فيجوز عليه
ذلك ولا مانع هناك يمنع ، ولو كان هو الله سبحانه لما جاز عليه ذلك.
وقوله : « وَلِلَّهِ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما » في مقام التعليل للجملة السابقة ،
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 5 صفحه : 247