responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 4  صفحه : 159

ونظيرها الإرث فقد آخى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أولا بين أصحابه وورث أحد الأخوين الآخر في أول الأمر إعدادا لهم لما سيشرعه الله في أمر الوراثة ، ثم نزل قوله تعالى : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ ) : « الأحزاب : ٦ » وعلى هذا النحو غالب الأحكام المنسوخة والناسخة.

ففي جميع هذه الموارد وأشباهها تدرجت الدعوة في إظهار الأحكام وإجرائها أخذا بالإرفاق لحكمة الحفظ لسهولة التحميل وحسن التلقي بالقبول ، قال تعالى : ( وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً ) : « الإسراء : ١٠٦ » ولو كان القرآن نزل عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله دفعة واحدة ثم بين الرسول تفاصيل شرائعه على ما يوظفه عليه قوله تعالى : ( وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) : « النحل : ٤٤ » ، فأتى ببيان جميع معارفه الاعتقادية والأخلاقية وكليات الأحكام العبادية والقوانين الجارية في المعاملات والسياسات وهكذا لم تستطع الأفهام عندئذ تصورها وحملها فضلا عن قبول الناس لها وعملهم بها وحكومتها على قلوبهم في إرادتها ، وعلى جوارحهم وأبدانهم في فعلها فتنزيله على مكث هو الذي هيأ للدين إمكان القبول والوقوع في القلوب وقال تعالى : ( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً ) : « الفرقان : ٣٢ » وفي الآية دلالة على أنه سبحانه كان يرفق برسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في إنزال القرآن نجوما كما أرفق بأمته فتدبر في ذلك وتأمله وفي ذيل الآية قوله : ورتلناه ترتيلا.

ومن الواجب أن يتذكر أن السلوك من الإجمال إلى التفصيل والتدرج في إلقاء الأحكام إلى الناس من باب الإرفاق وحسن التربية ورعاية المصلحة غير المداهنة والمساهلة وهو ظاهر.

الثانية : السلوك التدريجي من حيث انتخاب المدعوين وأخذ الترتيب فيهم فمن المعلوم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان مبعوثا إلى كافة البشر من غير اختصاص دعوته بقوم دون قوم ، ولا بمكان دون مكان ، ولا بزمان دون زمان ( ومرجع الأخيرين إلى الأول في الحقيقة ) البتة قال تعالى : ( قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) : « الأعراف : ١٥٨ » وقال تعالى : ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) : « الأنعام : ١٩ » وقال تعالى : ( وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ) : « الأنبياء : ١٠٧ ».

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 4  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست