responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 4  صفحه : 158

فانظر إلى سياق الآيات الشريفة كيف أجمل القول فيها في النواهي الشرعية أولا ، وفي الأوامر الشرعية ثانيا ، وإنما أجمل بجمع الجميع تحت وصف لا يستنكف حتى العقل العامي من قبوله فإن الفواحش لا يتوقف في شناعتها ولزوم اجتنابها والكف عنها ذو مسكة ، وكذا الاجتماع على صراط مستقيم يؤمن به التفرق والضعف والوقوع في الهلكة والردى لا يرتاب فيه أحد بحكم الغريزة فقد استمد في هذه الدعوة من غرائز المدعوين ، ولذلك بعينه ذكر ما ذكر من المحرمات بعنوان التفصيل كعقوق الوالدين والإساءة إليهما ، وقتل الأولاد من إملاق ، وقتل النفس المحترمة ، وأكل ما اليتيم إلى آخر ما ذكر فإن العواطف الغريزية من الإنسان تؤيد الدعوة في أمرها لاشمئزازها في حالها العادي عن ارتكاب هذه الجرائم والمعاصي ، وهناك آيات أخر يعثر عليها المتدبر ويرى أن الحال فيها نظير ما ذكرناه فيما نقلنا من الآيات.

وكيف كان فالآيات المكية شأنها الدعوة إلى مجملات فصلتها بعد ذلك الآيات المدنية ، ومع ذلك فالآيات المدنية نفسها لا تخلو عن مثل هذا التدرج فما جميع الأحكام والقوانين الدينية نزلت في المدينة دفعة واحدة بل تدريجا ونجوما.

ويكفيك التدبر في أنموذج منها قد تقدمت الإشارة إليها وهي آيات حرمة الخمر فقد قال تعالى : ( وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً ) : « النحل : ٦٧ » ، والآية مكية ذكر فيها أمر الخمر وسكت عنه إلا ما في قوله : ( وَرِزْقاً حَسَناً ) من الإيماء إلى أن السكر ليس من الرزق الحسن ثم قال : ( قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ ) : « الأعراف : ٣٣ » والآية أيضا مكية تحرم الإثم صريحا لكن لم تبين أن شرب الخمر إثم إرفاقا في الدعوة إلى ترك عادة سيئة اجتذبتهم إليها شهواتهم ونبتت عليها لحومهم وشدت عظامهم ، ثم قال : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما » : البقرة ـ ٢١٩ ، والآية مدنية تبين أن شرب الخمر من الإثم الذي حرمته آية الأعراف ، ولسان الآية ـ كما ترى ـ لسان رفق ونصح ، ثم قال تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) : « المائدة : ٩١ » ، والآية مدنية ختم بها أمر التحريم.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 4  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست